بيـن الكـفـاح والنـجـاح..
رحمـة بنت مبارك السَّـلمانـية
بيـن الكـفـاح والنـجـاح..
خرج وهو يمشي متأنياً متأملاً ما بين يديه، ورأسه يكاد يلتصق بشهادة ابنه وملامح وجهه تشي بنتيجة مُشرّفة، بعد أن رفع رأسه كي لا يصطدم بالداخلين والخارجين من بوابة المدرسة، فقد ارتسمت على وجهه الشاحب ذو الشعر الأبيض الخفيف ابتسامة جميلة، تنم عن فرح وفخر كمن حظي بانتصار عظيم في معركة ضارية، جعلتني ابتسم تلقائياً وكأن عدوى الفرح قد أصابتني، أو كأن كهرباء الفخر انتقلت إلي وسرت في عروقي، رغم أني لم أعرف نتيجة ابني بعد، وأنا أفتش بين الوجوه عن مشاعر الفرح بالنهايات السعيدة، سمعتها تهمس لابنها الذي احمّر وجهه من حرارة الجو أو ربما فرحاً “من الآن وصاعداً أطلب ما شئت سأشتري لك ما تريد” بينما ترمقني بنظرة حادة تبعتها ابتسامة ثقيلة.
في المساء وزعت الجارة بعض المشروبات والعصائر والحلويات بمناسبة نجاح أبنائها، وهي تتضرع للمولى بالحمد والثناء، ممتنة على فضله ونعمائه أن تكلل تعب وسهر أبنائها بالنجاح والتوفيق، ولم تكد تغادر حتى تلقيت محادثة صوتية من والداتي وهي تبارك لي بنجاح ابنيّ وغمرتني بدعائها الذي لا زال يهطل على حياتي كالمطر، ودعوت ربي أن تبقى تمطرني بأدعيتها لأتنفس السعادة ما حييت.
بعد عام دراسي حافل بالجد والكفاح ينتظر أولياء الأمور بفارغ الصبر وعلى أحر من الجمر حصاد الموسم ليشعروا بقيمة النجاح ويتناسون لحظات التعب والجهد في تحضير ومذاكرة ومراجعة دروس المواد الدراسية المختلفة لأبنائهم، والذين قد يتجاوز عددهم خمسة طلاب في الأسرة الواحدة أحيانا وفي مختلف المراحل الدراسية، إنه عام استثنائي بحق تطلّب بذل المزيد من البذل والعطاء بعد عامين مختلفين تماماً عما سبقهما من الأعوام، فنجاح الطلبة يُعد نجاح لأولياء أمورهم، فهنيئاً لمن ظفروا بالنجاح والفلاح وحظوا بأفراح وليالٍ ملاح، وحظاً أوفر لمن لم يكتب له النجاح، وندعو الله أن يوفقه في مشواره القادم وفي القريب العاجل.
في المقابل هناك مقاتلين ناضلوا من أجل تحقيق النتائج المرجوة، وفرضوا القوانين والمعاهدات من أجل الوصول للأهداف المنشودة، وقدموا النصائح والارشادات وعاهدوا بأجمل التقارير والشهادات، هم يستحقون منا كل الثناء والشكر والتقدير والعرفان على ما بذلوه من جهود، فهم سبباً رئيساً خلف هذه النتائج المُرضية التي جعلتنا نتناسى التعب، فتحية خالصة مملوءة بالدعوات الصادقة لكل المعلمين والمعلمات، الذين بذلوا جهودهم العظيمة ووضعوا لمساتهم الجليلة طيلة عام دراسي مليء بالتحديات، ليشاركونا في صناعة جمال المشهد النهائي، رافعين شعار (من جَدّ وجد، ومن زرع حصد، ومن سار على الدرب وصل).