بأقلام الكُتّابمقالات وآراء

سياحة في ربوع بلادي .. صـور..

عبدالله بن عبدالرحيم البلـوشـي

 

سياحة في ربوع بلادي .. صـور..

 

ها نحن رجعنا الى مدينتنا  .. نكمل اليوم مشاهدنا من هذه الولاية العريقة ومن مدينتها الأم مدينة صور .. ونغوص بشكل أرق وأدق في أحيائها الاساس من شرقها معرجين الى اقص غربها والشمال ، ونخص فيها الأحياء القديمة التي كانت مصدر إلهامي ، ومصدر دفعي لأدون القليل من كثير أحداثها ومعالمها .. العيجة .. مياه الخور يفصلها من الجسد ، مع تعاضده مع الأم مشكلة شبه جزيرة ، تحيط بها الجبال وتطل عليها تلك القلاع المحيطة بها كإحاطة الإسورة للمعصم ، إطلالة الحارس على سكناه من على علو تطمئنها بنظرات حانية .. هي العيجة .. واحدة من الضواحي التي وطئتها أقدامي وأنا لم أتجاوز السادسة لبيع الرطب مع الوالد رحمه الله .. نعبر الشاطئ في قارب يكاد يكون الأوحد .. كانت هي الوسيلة للعبور من ضفة الخور من الناحية الغربية المطلة على مخا وهذه لها قصة حب في قلبي فلها مكيل غير مكاييل الضواحي الأخرى ففيها قصة ود لا يمكنني نسيانها ولكن سردها قد يطول .. يشق القارب المياه الهادئة بسلاسة ووداعة تجدفها اياد ماهرة وبارعة لتصل الى وجهتها الاخرى لينزل الجمع تحت كهف ليست ككل الكهوف ، فهي تسطر الاحداث بصمت ، حفرت في صخور جيرية صلبة ، لتنقل هي بدورها  حكاية صبي صغير وطئ ظهرها .. وشاب ترجل على منحدرها .. شيخ اتكأ على اطرافها .. وملثمة بثياب مطرزة وشال مختلف الوانه حسب المذاق والاختيار ، اقف على الجسر الحديث والمشاهد كأنها شريط سينمائي تعرض امامي وانا انظر الى تلك الجلبة من اصوات المحركات الحديثة لقواربها العابرة .. بسرعة لم تكن ميسرة في ذاك الزمان .. تغير المكان بشواهد جديدة .. فبقي الزمان وأن تغيرت ايامها والمكان وإن تغيرت معالمها تحن لماضيها ففي الماضي وضع أهل هذه المدينة الجميلة بصماتهم لتبقى مسارا لمن بعدهم..

العيجة .. دارت على أرضها احداث جسام .. ووقف رجالها لها كالصخور الصامدة .. ولكن يقتضي الموقف بتأخير تدوينها لأن سير الحديث ليس في صفحتها.

مشيت بين أزقتها وفيها ، بين الالتصاق على حواف جدرانها كلما شعرت بحرارة الأرض او فيي جدرانها مختبئ عن وصول اشعة الشمس الحارقة على جسدي النحيف .. بحارة رجالها وربان سفن تخرجوا من بيوتاتها ، فطرة فطروا عليها لم يكن ليحتاجوا كثيرا من المران ، كيف لا والبحر يحيط بهم من كل جانب ، فرسان هم لأنهم وفدوا إلى هذه الضاحية من ضواحي صور من أرضهم الاصل بلاد بو علي مكتسبي المهارة من براريها العذراء اللافتة .. ففي صحرائها سهلت خيولهم ، وبين كثبانها عزفت المزامير .. وأنشد المنشدون قصائد ليتغنى بها الرجال في مجالسهم والنساء في خدورهن .. مقياس دقيق لعلو الشأن وبروز مكانة .. ضاحية من ضواحي صور .. فكل لها قصة وأثر من قديم الزمان إلى تاريخها الحديث .. تحمل هما ويخبئ القدر لها ما لا يدركه البصر ولا يعلمه البشر .. ولا يمكن التنبؤ بالقادم الجديد .. هكذا ننتهي من فصل حتى العودة الى درس جديد من دروس الحياة .. ليبقى الشعار المستدام .. “لله في خلقه شؤون”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى