بأقلام الكُتّابمقالات وآراء

عـيـوب الـسـيـاحـة..

محـمـد عـلـي البـدوي

خبير في شؤون السياحة العربية والعالمية

 

عـيـوب الـسـيـاحـة..

 

قد يظن البعض أن السياحة لا تسبب بعض الأضرار سواء على الصعيد الإجتماعي أو الصعيد الإقتصادي لذلك حاولنا أن نرصد بعض عيوب السياحة، ليس تقليلا من شأنها ولكن لكي نحذر القائمين عليها من هذه العيوب ولكي تكون كلمتنا بمثابة توجيه لدراسة هذه العيوب ومعالجة الآثار الناتجة عنها.

أول هذه العيوب هو أن الحركة السياحية وخاصة الخارجة إلى دول أخرى تؤدي إلى اتصال المجتمعات الاستهلاكية بمجتمعات أخرى نصف إستهلاكية أو تحت إستهلاكية وهنا نعني المجتمعات النامية مما يؤدي إلى قيام عادات جديدة إستهلاكية وتكون هذه العادات غير مرتبطة بمستوى المعيشة مما يؤدي في نهاية الأمر إلى حدوث التضخم.

ثم تأتي مسألة عدم توازن الأجور بين موظفي القطاع السياحي والطاعات الإقتصادية الأخرى مما يؤدي إلى هروب الموظفين إلى القطاع السياحي فيسبب ذلك نقصا في العمالة في باقي القطاعات.

تركيز الخدمات الجيدة في المدن السياحية الكبرى يؤدي إلى الهجرة من الريف إلى هذه المدن ونشأة مهن وحرف جانبية بعيدة عن رقابة الدولة.

مثلا يهرب أبناء الريف إلى المدن الشاطئية السياحية ومن لا يستطيع الالتحاق بوظيفة لأسباب منطقية يحاول أن يجد لنفسه عملا في أي قطاع داخل المدن السياحية، فمنهم من يقوم بعمل أكشاك غير مرخصة لبيع المشروبات ومنهم من يتاجر في التذكارات والهدايا…الخ.

إن كثرة الاعتماد على الإقتصاد السياحي خاصة في الدول النامية قد يخلق مشاكل غير متوقعة للاقتصاد مما يسبب تأثيرات سلبية على الدول فقد تنشأ حرب ما أو كارثة طبيعية أو أي سبب يمنع وصول السائحين إلى الدول المضيفة لذلك ينادي الجميع بضرورة تنويع مصادر دخل الدول وكذلك تنويع الأسواق الوافدة وعدم الاعتماد على سوق واحدة.

من أكثر عيوب السياحة وضوحا إتلاف الأراضي الزراعية لصالح السياحة بسبب بناء الفنادق والمنشآت السياحية على أراض زراعية أو تدمير المواقع الأثرية والتاريخية والمحميات الطبيعية بسبب بناء المنشآت السياحية فوقها أو البناء العشوائي في المدن الشاطئية، حيث تبني الفنادق مباشرة على ساحل البحر وعدم ترك مساحة كافية لتكون ممشى للجميع.

تسببت السياحة في حدوث تقسيم طبقي إجتماعي بين ذوي الدخول المرتفعة وذوي الدخول المنخفضة.

التدهور المحتمل للمواقع السياحية بسبب كثرة السائحين وعدم قدرة الدول على مراقبة تصرفات هذه الأعداد الكبيرة فمثلا يقوم بعض السائحين بتدمير الشعاب المرجانية في كثير من المواقع جهلا منهم بأهمية هذه الشعاب….

تغير نمط وسلوك العاملين بالقطاع فكثير ممن يعملون بالسياحة يحصلون على أجور عالية تدفعهم إلى تغيير نمط حياتهم واختيار نمط حياة جديد لا يتفق مع عادات وتقاليد وقيم بلده الأم.

من عيوب السياحة الواضحة ظاهرة الزواج من الأجنبيات ليس بغرض تكوين أسرة ولكن معظم الأسباب تكون لأهداف أخرى أهمها الاستسهال وعدم الرغبة في تحمل مسؤولية مادية ومعنوية لأن الزواج من الأجنبية لا يتطلب مصروفات كثيرة وبذلك تنشأ المشكلات بعد فترة من الوقت وغالبا ما تلجأ الزوجة إلى العودة إلى بلدها الأم واصطحاب أطفالها معها.

العمل السياحي عمل مرهق وشديد الخصوصية وقد تمر شهور طويلة دون أن يدرك العامل أنه بحاجة إلى إجازة يعيد من خلالها شحن طاقته وتجديد علاقاته مع الأهل والعائلة فربما لا يدرك البعض أن العمل المتواصل يفقده القدرة على التواصل مع عائلته وأصدقائه.

من العيوب أيضا عدم مقدرة أبناء القطاع السياحي على الالتحاق بوظائف بقطاعات أخرى ذلك أن كل ما اكتسبوه من مهارات لا يصلح إلا للقطاع السياحي وهذه مشكلة كبيرة عاني منها الملايين ممن هجروا القطاع السياحي باحثين عن مجالات أخرى ولكنهم تفاجئوا برفض سوق العمل لهم.

لذلك يجب أن تتبنى كافة المنشآت السياحية برامج تدريبية وتوعوية تفيد العامل على المدى البعيد.

من أخطر بل من أعقد مشكلات القطاع السياحي في بعض البلدان(مصر على سبيل المثال) أنه لا توجد نقابة تتحدث بإسم العاملين بالقطاع وتحافظ على حقوقهم المعنوية والمادية وتدافع عنهم ولعل هذه القضية الشائكة مازالت محل نقاش العديد من الهيئات داخل المجتمع المصري.

من عيوب السياحة أنها صناعة لا ظهير لها على الأقل في كثير من دول العالم الثالث؛ فالإعلام لا يتحدث عنها كثيرا والصحف لا تتناولها إلا من حيث كونها خبرا أو اعلانا أما كونها صناعة تدر الملايين فلم يتطرق أحد إليها من هذا الجانب.

أود أن تهتم الحكومات العربية بالسياحة لأنها أحد الحلول الهامة لتعافي الإقتصاد وتحقيق التنمية على كافة الأصعدة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى