بأقلام الكُتّابمقالات وآراء

الدبلوماسية الحديثة والقيادة الرشيقة..

الدكتـور/ سعدون بن حسين الحمداني

دبلوماسي سابق كلية عُمان للإدارة والتكنولوجيا

 

الدبلوماسية الحديثة والقيادة الرشيقة..

 

قبل الشروع في التطرق إلى مقالنا اليوم علينا أن نُعَرِّج إلى تعريف كل واحد منهم، ومدى الترابط والأهمية الوثيقة بينهما، وهل الدبلوماسية الحديثة تعتمد على القيادة الرشيقة أم بالعكس ؟.

تعرف الدبلوماسية بأنها هي أداة الدولة ومفاهيمها حيث تتولى إدارة الشؤون الخارجية للدولة .. أما أصل وتاريخ الدبلوماسية؛ فهي كلمة يونانية الأصل و هي مشتقة من كلمة Diploma وتعني الوثيقة التي تصدر عن أصحاب السلطة والرؤساء للدول ، أما أهمية الدبلوماسية فهي كثيرة ومنها إدارة الشؤون الدولية، توطيد العلاقات الاقتصادية والسياسية والثقافية والعلمية وغيرها، متابعة المفاوضات السياسية، حماية رعايا الدولة في الخارج، العمل على عدم انتهاك مصالح وحقوق وهيبة الوطن بالخارج، تدعيم السلم وإشاعة الود والمحبة والتفاهم بين البلدان.

أما القيادة الرشيقة فهي مجموعة من السلوكيات التي تحدد نتائج الأهداف المخطط للوصول لها بأقل وقت جهد وبعدد محدود من المحترفين ذات الخبرة الأكاديمية الرصينة وبتعاون مثمر من خلية العمل بقيادة مركزية محنكة وذات خليفة مهنية وباع طويل في تحقيق الأهداف المرسومة بأقل خسائر ممكنة. أن الدبلوماسية الحديثة والقيادة الرشيقة تعتمد كثيراً على علم الاجتماع وعلم الادارة وفن الدبلوماسية والذي يتعامل مع صفات القائد والبيئة والجمهور وهذا ما يتناغم مع المدارس الغربية التي تضع ثلاث أعمدة وهي (القيادة/ البرتوكول/ الإتيكيت) هي من أهم سمات القيادة النموذجية والقيادة الرشيقة التي ظهرت خلال الاربعين سنة الماضية وتعتمد على مجموعة المهارات الرئيسية اللازمة لتحقيق النجاح المستمر في كل المجالات بسرعة.

يتصف القائد ذو الأسلوب الرشيق بصفات مميزة وهي : العمل كخلية عمل واحدة/ تقديم الدعم الكامل لفريق العمل/ امتلاك الرؤية المستقبلية والخطط البديلة/ الالتزام ومتابعة مجريات العمل.

إن مثلث الدبلوماسية الحديثة والقيادة الرشيقة والكاريزما المثالية ليست حصرياً على الملوك والسلاطين والرؤساء وكبار الشخصيات ، بل حتى الانسان البسيط (فكل كل انسان قائد في عمله) على أن يكون القدوة في التصرف بأعلى درجات التضحية والمثابرة  وكأنه هو القائد الرشيق ؛ لأن بقية المواطنين ينظرون إليه كقدوة في كل شيء وكذلك ينظرون إلى تصرفاته وسلوكياته فإن كان مبتذلًا في كل شيء ولا يعير أهميه لتصرفاته وسلوكه اليومي الذي يدخل ضمن باب (البروتوكول العملي والمهني الرسمي) ؛ لذلك بدأ علم الاجتماع وعلم النفس يركزان كثيراً على قيادة الرشيقة ضمن إطار الدبلوماسية بإيجابية لغرض بناء مجتمع متكامل ناضج.

فإن الترابط بين الاثنين توضح لنا الترابط بين القيادة والقائد الناجح وعلاقتها الوطيدة بالبروتوكول والإتيكيت وكيف أن أي خلل في أي جانب يؤثر تأثيرا مباشرا على بقية هيكل الحياة فالدبلوماسي الذي تكون معلوماته ركيكة في مفاهيم مثلث الحياة ونظريات واسلوب القيادة الرشيقة فأنه سوف يسئ  لسمعة بلده وخاصة في المحافل الدولية.

القيادة الرشيقة تُعرف بأنها الـقـدرة عـلى إقناع الآخـريـن لتأدية أعمال معينة للوصول إلى الهدف المنشود وتحقيق أفضل النتائج الإيجابية وبأقل الخسائر إن وجدت بشكل اختياري أو الامتناع عن سلوك معين ، ويُعد مفهوم القيادة الرشيقة من المفاهيم الإدارية في القيادة المركزية التي تأتي من قدرة القادة للوصول إلى أهدافهم الاستراتيجية بمواقيت زمنية محددة وخطط أكاديمية مدروسة على إحصائيات متوفرة ، فعلى سبيل المثال هرم الدولة لا يستطيع أن ينفذ مشاريع استثمارية ما لم يقف على قاعدة رصينة من الكفاءات أولًا والدخل القومي المتين لكي يحدد الأهداف والمشاريع وحساب الكلف والأرباح والمدة الزمنية لذلك.

على القائد ضمن إطار “القيادة الرشيقة” الشعور بأهمية الرسالة الإنسانية التي يريد تأديتها وأن يؤمن بقدرته على القيادة/ أن يتحلى بالشخصية القوية وأن يحب عمله كقائد/ أن يكون له القدرة على مواجهة الحقائق القاسية بشجاعة وإقدام ورحابة صدر/ أن لا يكون دكتاتوريا أو أنانيا ويبتعد عن القبلية والتطرف الديني/ أن يكون ناضجاً وصاحب آراء مميزة/ أن يكون صاحب حكمة للتمييز بين المهم والأهم/ أن يتحلّى بالطاقة والنشاط والحماس والحيوية والرغبة في العمل والمبادرة/ لديه الحزم والثقة في اتخاذ القرارات المستعجلة والاستعداد الدائم للعمل ويضحّي برغباته واحتياجاته الشخصية ليحقق المصالح العامة/ أن يتمتع بمهارات الاتصال والتخاطب وفصاحة اللسان وقوة التعبير والقدرات الإدارية والقدرة على التخطيط والتنظيم والتوجيه والرقابة وتشكيل فريق العمل بعيداً عن القبلية والعلاقات الشخصية وتقويم أدائهم ، فالقائد الناجح لا ينتظر الأحداث بل يصنعها ، وبالطرق الجديدة ؛ ليعمل على تحسين العمل وتغيير مسار النتائج إلى الأفضل.

إن القائد الناجح الذي يجمع بين الدبلوماسية الحديثة والقيادة الرشيقة  له القدرة على اتخاذ القرار فهو الذي يضع الخطط المدروسة والمميزة ولديه المهارة الاجتماعية العالية التي تعطيه القدرة على التواصل مع الآخرين وإيصال ما لديه من أفكار و يكون مستمعا جيدا ومحاورا ذكيا وماهرا بنفس الوقت وأن يكون مثقفا ويطور نفسه بالقراءة والاطلاع يوميا على ما هو جديد في مختلف المجالات ، وعلى القائد الناجح أن يضع العامل الإنساني فوق كل الاعتبارات لأن القوانين التي شرعت هي أصل لخدمة البشر وهذه القوانين هي مجرد تنظيم للعمل وليس صك غفران لا يمكن تغييرها.

وفي الختام فإن مفاهيم الدبلوماسية الحديثة والقيادة الرشيقة تبدأ من قمة هرم الدولة إلى أصغر مواطن لغرض سعادة ورفاهية المجتمع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى