الْعملُ الجَمَاعِيُّ في حياتنِا المِهَنِيَّةِ..
عـصـام بن محـمـود الرئيـسـي
كاتب ومؤلف سلسلة كتاب مختارات من البروتوكول والإتيكيت
الْعملُ الجَمَاعِيُّ في حياتنِا المِهَنِيَّةِ..
عندما يعمل شخصانِ أو أكثر معًا لإكمال مهمة معينة يطلق على ذلك عمل جَمَاعيّ، قد يكون لأعضاء المجموعة مهامٌّ مختلفة داخل المؤسسة، لكنهم يتعاونون معًا ويعملون لتحقيق نفس الهدف من تأسيس المجموعة.
ويعتبر العَملُ الجماعيُّ في جميع مجالات الحياة مُهمّا للغاية، وخاصة في بيئة العمل سواء على المستوى الضيّق المتمثل في المؤسسة التِّجاريّة أو الخدمية الصغيرة، أو على المستوى الأوسع الذي يشمل سوق العمل أو العمل الحكومي في شتى مجالاته وتخصصاته، وهو من الأمور المسلم بها؛ إذْ يُعَدّ بحق وسيلة من الوسائل للمحافظة على الإنتاجية في المقام الأول، وكذلك على بقائها في عالم ريادة الأعمال بكل قوة مع مثيلاتها كمؤسسة لها اعتبارها، ولها مكانتها انطلاقا إلى تحقيق أهدافها المرسومة.
وعندما نتدبر آيات القرآن الكريم نجده يشجع على العمل الجماعي والتعاون والتشاور بين الناس؛ إذْ يقول الله تعالى ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ [المائدة: 2].
ويقول أيضا سبحانه وتعالى: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾ آل عمران: 103.
يعتبرالتواصل الفعال مع أعضاء المجموعة مِفتاحَ العمل الجماعي الجيد، وإنَّ اختلاف الرؤى التي يطلقها الأفراد من خلال المجموعة في موضوع ما يشغل المؤسسة في العملية الإنتاجية ليس أمرًا سلبيًّا كما يظنه البعض، بل هو يقود إلى الابتكار الجماعي؛ فالآراء المختلفة من عقول مختلفة أخذت العلم من مصادر مختلفة مهما كانت معقدة وبسيطة لها المردود الإيجابي لإتمام العمل على أكمل وجه، حتى الحديث العابر الذي يظهر من أحد أفراد المجموعة كمعلومة أثناء النقاش قد يكون هو الحل فيما اجتمعت فيه المجموعة؛ لهذا لا بدَّ من الاهتمام بمجموعة العمل في أي مؤسسة كانت لما لها من مردود إيجابي.
ويقول فريدريك بروكسي في كتابه الشهير “The Mythical Man-Month” (شهر الرجل الأسطوري) : إن الأمر يستغرق عامًا واحدًا للقيام بما يمكن أن يفعله ( 12) شخصًا في شهر واحد.
مميِّزاتُ العملِ الجماعيِّ..
– إنَّ الاختلافَ في مجموعات العمل المتعلق في التدرّج العُمْرِيّ والتخصص العلمي والمعرفي يعطي فرصة كبيرة لنقل المعرفة للآخرين، وتعلم مهارات جديدة للجميع، والاستفادة من هذه الحصيلة المتنوعة ليس فقط فيما اجتمعوا فيه، بل تتوسع مداركهم في أمور عدة من ثقافة العمل، وسوف يعود ذلك بالنفع بأفراد المجموعة خاصة، والمؤسسة بشكل عام.
– يؤدي العمل الجماعي إلى زيادة عملية الابتكار للعقل البشري، ويزوِّدُهُ بقوة جبارة، فالعقل هو المخطط لكل اختراع عبقريّ نشاهده اليوم مِنْ حولنا في هذا العالم الواسع.
– عندما يتصف العمل الجماعي ببروتوكول صارم وقوانين ومبادئ؛ فإن ذلك من شأنه تعزيز الترابط بين المجموعات مع بعضها البعض، وتعطيه صفة الانضباطيَّة في التعاطي، وتبادل الآراء بين أفراد المجموعة، وتحميهم من أنفسهم أحيانًا وقت الخطأ.
– من مميزات العمل الجماعي التكامل وتوفير الوقت والجهد وسرعة العمل واتخاذ القرار.
– يعمل العمل الجماعي على تجويد العمل والكفاءة، ورفع الرُّوح المعنوية لأفراد المجموعة.
– العمل الجماعي يساعد على تبادل التعلم بين المجموعة، ويعزِّز التنافس في تبادل الأفكار.
– يخفِّف العملُ الجماعيّ الضغطَ الواقعَ على الفرد، مما يُعزِّز من جودة المخرجات.
سلبياتُ العملِ الجماعيِّ..
– وجود شخص غير مؤهل للعمل ضمن المجموعة، سيكون حملًا ثقيلا على الجميع، وربما يكون سببًا في فشل ما تصبو إليه المجموعة من أهداف.
– في حالة وجود التَّحزُّبَات سيكون العمل في المجموعة عبارة عن كابوس، ويولِّدُ الصراع؛ حيث إنَّ المجموعة الواحدة ستنقسم على نفسها، وهذا يؤدي إلى الفشل الذريع من إنشاء مجموعات العمل بشكل عام.
– العمل في مجموعة يجعل بعض الأفكار مرهونة بموافقة المجموعة، وحين تكون المجموعة غير مقتنعة بفكرة مناسبة ورائعة، فهذا يجعل المجموعة تَتَّجِهُ في اتجاه سلبي.
– قد لا يتقبّلُ بعض الأعضاء الأفكارَ غير العادية المطروحة من زملائهم في المجموعة؛ بسبب اختلاف بُعْدِ النظر في الفكر، بل وينفرون منها، مما يُسبِّبُ الإحباطَ لصاحبها ويبتعد عن المشاركة.
– سهولة انسحاب أو توقف أيّ عضوٍ عن العمل؛ بسبب أي ظرف كان يجعل استمراريَّة العمل كمجموعة غير مضمون قد تمتدُّ لفترات طويلة.
على الخير نلتقي، وبالمحبة نرتقي..
كل الشكر والتقدير الأستاذ عصام الرئيسي مقال رائع بارك فيك العمل الجماعي يهد جبال ويبني أساطيل وأساطير بشرية ومادية بالاضافة إلى المعنويات إلى عنان السماء بوركت جهودكم
شكرا عزيزي واستاذي العزيز محمد .. مداخلة جميلة ورائعة دمت بود