المصلحة العامة .. جمع تقصير وتأخير..
الكاتـب/ سالـم بن غـنام الجعـفـري
المصلحة العامة .. جمع تقصير وتأخير..
يقال : إن أهمية المصلحة العامة جزء لا يتجزأ من فكر المواطن الذي يسري بروحه وقلبه عشق بلده وتربته ووطنه، فيقدمها قبل كل شيء من أجل رفعة أهله وناسه وأرض موطنه ويحرص على ازدهارها وعزتها وتحقيق مصالحها، فالإنسان الصالح لا يضرب بالمواطنة عرض الحائط كما يفعل بعض المنتفعين ومن يقدمون مصالحهم الشخصية على المصلحة العامة .. نعم من حق الفرد السعي في طلب الرزق والتنافس في ضروب التجارة وغيرها وتكوين ثروته التي سيكون جزء منها للمصلحة العامة وللأفراد كالزكاة والصدقة، فهذا لا يمانعه دين ولا عرف شريطة أن يتوافق مع حدود تعاليم الدين وعرف الناس.
ومن منطلق التوجيه الرباني (وتعاونوا على البر والتقوى) نـجد هنا الحث على التكاتف والتآزر والتعاون في ايجاد مجتمع يسعى أفراده معا لتحقيق المصلحة والخير والبر بينهم والعمل على تحقيق المنفعة التي تعم خيراتها على الجميع لدرجة أن نصل بها الى لافتة مهمة وهي (أن تحب لأخيك ما تحبه لنفسك) وبالتالي يتكامل الافراد ويتساعدوا في العمل لتكوين منابع ومواطن مصلحة الجميع.
في زمننا الآني للأسف الشديد اضمحلت بعض القيم والمبادئ الجميلة ووصلنا الى المقولة التي تقول (أنا وليكن الطوفان من بعدي) ومصلحتي فوق كل اعتبار ونخشى بناء الطبقية النتنة عما قريب، فالقوي يزداد قوة والضعيف يسقط حيث الحفرة، مستخدمين الغاية تبرر الوسيلة حتى وأن كانت مخالفة للقوانين الوضعية أو العرفية أو اللوائح والانظمة، فالالتواءات والشللية والخدمة المتبادلة الفردية ضخمت في قلوب البعض المصلحة وتكوين التحالفات الشخصية (الطيور على أشكالها تقع) فتجد ما لا يمكن أن تناله يناله غيرك بكل سهولة .. مثلما يقول عادل إمام في احدى مسرحياته (حرامي شريف) ونسأل الله ألا نصل الى الاسلوب المتبع فيما كانوا قبل الاسلام اذا سرق فيهم الشريف تركوه واذا سرق فيهم الضعيف اقاموا عليه الحد.
فالواقع حين ينادى لمصلحة وطنية مثلا كالحفاظ على الشواطئ الجميلة يتضح لك أن فلان له حيازة أو ملك ارضا أو منح مساحة فيما يسمى بمحرم اللوائح والقوانين أو حرمات البحر كيف يحدث ذلك ؟ لا تدري ! وآخرون عندما يقترح (وضع مساحة وقف) لمصلحة عامة يسعى في احباطها واضعا نصب عينيه أخذ جزءا منها وآخرون لا يهمهم المصلحة العامة من احتياجات ومتطلبات العامة فلا سعيا يذكر ولا جهد يبذل بل يقف حجر عثرة حسدا من انفسهم في طريق الساعين لمصلحة مجتمعاتهم العامة.
تذكرون المثل الذي يقول : (مال عمّك ما يهمك) الكثير من الشباب المتعلم تبنى فكرة عليك بنفسك لا يهمك غيرك .. ومثلث الروتين من البيت للمسجد للعمل فلا تسألني عن مصلحة مجتمع.
ومن المتعب جدا حينما يزورك ضيوف في بلدتك ويخبرك : زرت هذه النيابة منذ عشرين عام وهي سياحية جميلة ولكن كما هي .. ليس فيها أي تغيير فاين السعي في شوارعها وشواطئها وغيرها بينما تلاحظ أماكن أخرى تتوافق مع الزمن الذي نحن فيه من رقي وازدهار وتطور واهتمام بالمصلحة العامة.
نحن اصبنا المصلحة بجمع تقصير وتأخير مقدمين مصلحتنا الشخصية عليها نتنافس في أمور دنيانا الفانية دون النظر ما نبقيه بين الناس من منفعة عامة ووقوف خير ومجال نذكر به بعد رحيلنا ، فكم صاحب مال لا يذكر وكم من رجل بسيط كان قدره عظيم بين الناس لعطاءاته وسعيه في خدمتهم.
انها زائلة ذاهبة وسيشيعك عملك الصالح وخدمة الناس الى رضا ربك ، فهذه الدنيا لا تنافسوها فهي قصيرة واهتموا بمصلحة الوطن والناس وقدموها على انفسكم واختم بحيث الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم فو الله ما الفقر أخشى عليكم، ولكني أخشى أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من كان قبلكم، فتنافسوها كما تنافسوها، وتهلككم كما أهلكتهم.