بأقلام الكُتّابمقالات وآراء

إجعـل من خلافات العـمل مصـدراً للإبـداع..

أ. عـصام بن محمـود الرئيـسي

مدرب ومحاضر في البروتوكول والإتيكيت الوظيفي

 

إجعـل من خلافات العـمل مصـدراً للإبـداع..

 

حدّثني أحد الإخوة الكرام عن الخلافات المستمرة في المؤسسة التي يعمل بها حيث قال : (لقد تعبت من تلك الخلافات، أصبحت لا تطاق، لا يكاد أن ينتهي خلاف الى أن يظهر خلاف آخر وأنا أحاول جاهدًا أن أبتعد عن تلك الخلافات قدر المستطاع لكنها تلاحقني في كل مكان في المؤسسة وأصبحتُ أراها في كل الوجوه حتى في وجه العامل الذي يأتيني بكوب الشاي كل صباح، ألتزم بالصمت والتجاهل عند حدوثها بين الموظفين حتى لا أكون طرفا فيها وخاصة عندما يتعالى الصراخ بينهم بسبب ذلك، على الرغم من تفاهة أسبابها) .. نهاية حديثه.

يبدو من حديث أخينا بأن الخلافات حادة للغاية في تلك المؤسسة وهذا أمر مزعج بدون شك في بيئة العمل ويعمل على تعطيل العقول وعرقلة تنفيذ المشروعات ويجلب التعاسة والنفور بين موظفي المؤسسة مما يؤدي إلى ضعف الإنتاج وتدهور حال المؤسسة بالكامل.

إن الخلافات موجودة حولنا وهو أمر مسلّم به في مختلف جوانب حياتنا سواء على الصعيد الاجتماعي أو الوظيفي مادامت الحياة مستمرة على هذا الكون فلا يمكن تجنب حدوث الخلافات، وقد أكدت الدراسات التي قامت بها الجمعية الأمريكية للإدارة أن الخلاف يستحوذ على 24% من وقت المدراء لإدارتها، وتزيد تلك النسبة في بعض القطاعات الخدمية مثل الخدمات الصحية والاجتماعية والتربوية، لهذا لابد أن نعرف كيف نتعامل مع الخلافات بكل هدوء وحكمة وأن نجعلها مصدرا للإبداع والتحسين الوظيفي، وخاصة في بيئة العمل وهو موضوعنا المطروح في هذا المقال بإذن الله تعالى.

ولأهمية الخلافات غير الحادة منها في بيئة العمل لا أبالغ ان قلت بأن هنالك بعض المسؤولين في المؤسسة يبحثون على قدر معين من الخلافات الحميدة التي تسببها عدم التوافق  في وجهات النظر في موضوع معين بين الموظفين وبدرجة مقبولة؛ حيث يروا بأنها تساعد على خلق الابتكار وتوسيع المدارك ومن خلالها يتم توجيه طاقات الموظفين الى سبل وحلول لإنتاجية أكبر وبشكل عام يمكن القول بأنه لا يمكن تجنب الخلافات في المؤسسة لكن يجب إدارتها بشكل صحيح وتوظيفها لخدمة المؤسسة.

يؤكد العديد من خبراء التنمية البشرية بأننا قد نكون بحاجة إلى الخلاف الوظيفي في بيئة العمل فهو مفيد ونافع للمؤسسة، لكن شريطة ألا يكون حادًا مما يقود المؤسسة الى الدمار،  بل يجب أن يكون على قدر معين؛ فالمؤسسة يمكنها من خلال هذا الخلاف وما ينتج عنه من جذب وضغط وشد الاستفادة منه لتصحيح مسار المؤسسة، لهذا يجب أن نتعلم فن إدارة الخلافات وليس البعد عنها او الالتزام بالصمت كما يفعل البعض من المدراء.

إن من أهم النقاط التي يجب أن نضعها في الاعتبار لأجل إدارة الخلافات في المؤسسة ما يأتي :

  • لا بد من التفريق بين الخلافات الشخصية بين الموظفين والخلافات الإنتاجية المهنية في المؤسسة، لهذا لا يجب أن نخلط بين الاثنين ويجب معالجة تلك الخلافات طبقًا لكل نوع.
  • “لا خلافات بدون عواطف” مقولة أكدتها العديد من الدراسات، فعواطفنا مرتبطة دائمًا بخلافاتنا ونحن نتصرف على ضوئها، لهذا لا بد وأن نضع ذلك في الإعتبار دائمًا عند حدوث الخلافات وأن نتحكم بمشاعرنا وعواطفنا حينها.
  • أساس حل الخلافات هو تطوير التفاهم وزرع الثقة بالأهداف المشتركة بين الجميع، يتطلب ذلك الانفتاح وإظهار الإحترام للآخرين وعدم توجيه اللوم لهم، مما يجعلهم يعملون من أجل الفائدة والمصلحة المشتركة.
  • لا بد أن ندرك بأن الخلافات حتمية وفي أي بيئة كانت وإن إدراتها بطريقة ذكية هو الحل الأمثل لمعالجتها.
  • المصارحة والمكاشفة أمران مهمان في معالجة الخلافات، على أن تكون تلك المصارحة بطريقة هادئة وتُطرح بأسلوب دبلوماسي وراقي.
  • النظر لموضوع الخلاف من زوايا عدة وليس من زاوية مغلقة لكي تتضح الصورة كاملة مما يساعد في وضع الحلول المناسبة.
  • هناك من يختلف في سرعة الإنجاز وهناك من يختلف في جودة العمل ويتم النظر في الأمر حتى يتم الجمع بين الاثنين، فيكون العمل متقنًا وبجودة عالية، وفي الوقت نفسه يتم إنجازه حسب الموعد المحدد.
  • الابتعاد عن صفة العدوانية والانهزامية أثناء الحوار وحُسن إدارة الخلاف.
  • بناء جسر التواصل وعدم قطعه مع الآخرين في بيئة العمل أمر مهم مهما أشتد الخلاف بين كافة الاطراف في المؤسسة.
  • تعلُم مهارة الإنصات والهدوء عندما يشتد الخلاف والتمتع بلغة جسد سليمة أثناء إدارة الخلافات.
  • مهارة الإتصال الفعال مهمة للغاية فأحرص على أن تتمتع بهذه المهارة فهي تساعدك كثيرا على إدارة الحوار والخلافات بكل مستوياتها.
  • إتباع مصادر الخلافات الحادة في بيئة العمل وتجفيف مصادرها، وخاصة تلك الخلافات المدمرة والسلبية، وعليك الإستفادة من الخلافات التي لها الدور الكبير في تقدم المؤسسة وتطورها وخَلق المنافسة الإنتاجية.

وعلى الخير نلتقي، وبالمحبة نرتقي..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى