ناقوس الخطر (5) .. تصريحات وقرارات ليست في وقتها..
عـلـي بن نـاصـر الـحـضـرمـي
ناقوس الخطر (5) .. تصريحات وقرارات ليست في وقتها..
إن اختيار الأوقات لمخاطبة الجمهور أمر في غاية الأهمية، وخاصة إذا كانت الرسائل الموجهة ذات طابع إنساني، أو تمس كل شرائح المجتمع؛ بل ربما تتخطاها لتلامس قلوب المقيمين في ذلك البلد؛ كأن يأتي مسؤول ليصرح عن قدرته على التعايش مع الأوضاع الاقتصادية دون أن يلجأ إلى الاقتراض من أشخاص أو من مؤسسات مالية كالبنوك مثلا، وهو ذا منصب رفيع في كثير من الشركات والمؤسسات، ناهيك عن منصبه الحكومي الرفيع؛ في حين أن معظم أفراد المجتمع يعانون من غلاء الأسعار، وقلة ما في اليد لأسباب يطول شرحها وليس هذا مقامها، أو أن يصدر قرار بمنع ممارسات معينة ذات طابع ديني أو اجتماعي كمنع فتح مكبرات الأصوات في المساجد أثناء الصلاة بل ومعاقبة من يخالف ذلك بدفع مبلغ مالي ليس بالقليل، وهذا المبلغ يتجاوز عقوبات إجرامية ينصّ عليها الدين والقانون، ويتفق عليها الجميع في ضرورة ردعها بأي شكل من أشكال العقوبات.
ولست هنا لمناقشة إيجابيات القرار أو سلبياته، أو مقارنة حجج من يتفق مع القرار أو يختلف معه، ولكن من وجهة نظري المتواضعة لم يكن التوقيت مناسباً وكان الأجدر دراسته دراسة متأنية من كل النواحي، وأخذ مشورة أهل العلم في ذلك، وأحسب أن القرار ليس بالجديد، ولكنه كان كالمسكوت عنه؛ أما أن يصدر الآن وبصيغته الجديدة؛ فأعتتقد بأن جهة القرار قد جانبها الصواب؛ خاصة صدوره في هذا الشهر المبارك الذي تتهافت فيه القلوب إلى المساجد، وتنصت الأسماع إلى ترديد الصلوات وقراءة القرآن؛ خاصة في صلاة العشاء والتراويح.
ومن بين التصريحات التي تثير حفيظة المجتمع تلك المتعلقة بمعيشتهم واستقرارهم النفسي والمادي؛ كتصريحات نظام التقاعد الجديد التي احتار فيها أولو الألباب، والمختصين، فضلاً عن بقية فئات المجتمع التي فقدت الثقة في أصحاب القرار، ولم تَدرِ أين تكمن الحقيقة؛ فالشائعات تتوالى وليس من خبر أكيد يثلج صدورهم أو يبصّرهم بما هو قادم عليهم أخيرًا كان أم شرًا، وقس على هذه الأمثلة الكثير.
ما ألاحظه في السنوات القليلة الماضية انتشار الشائعات، وفقدان ثقة كثير من أفراد المجتمع بأصحاب القرار للأسف الشديد، وقد يكون ذلك بسبب عدم وضوح توجهات الحكومة في بعض الأمور، والاستغلال السَّيِّء من بعض فئات المجتمع لوسائل التواصل الاجتماعي، فكلمة واحدة بضغطة زر تصل إلى أصقاع المعمورة أسرع من البرق، دون تحديد لمصدرها أو مصداقيتها، وعلى المتلقي أن يمحّصها ويبحث في مصداقيتها ومصدرها وقليل منا من يفعل ذلك؛ لتنتشر كالنار في الهشيم، وتقضّ مضاجع الجميع، وقد يكون لا أساس لها من الصحة، وفي كثير من الأحيان تبقى الحقيقة معلقة ولا يتجرأ أحد على إظهارها أو جلاء الغمة التي أحدثتها بين أفراد المجتمع، بل قد تظهر تفاسير فردية من هنا وهناك لا “تزيد إلا الطين بِلّة” كما يقول المثل، لتزداد الهوّة بين أصحاب القرار وفئات المجتمع، وتتلاشى الثقة بينهم، مما يؤدي إلى سخط المجتمع، وعدم استقراره، وينعكس ذلك سلباً على استقرار البلد ومكانته بين أبناء المجتمع، وهذا ما لا نرجوه؛ لعواقبه الوخيمة التي لا تُحمَد عقباها؛ خاصة إذا تفاقمت ولم تجد من يُجلي ضبابيتها، أو يأخذ بأيدي الناس نحو الحقيقة، وإعادة الاستقرار النفسي لهم؛ لينعم الجميع بعيش هانئ هادئ مستقر يحفّز على الإنتاجية، وتحقيق الأهداف الإيجابية التي ينشدها الوطن لكل من يعيش على أرضه وتحت سمائه.