عندما يكون للصبر حياة..
مـريـم الـشـكـيـلـيـة
عندما يكون للصبر حياة..
قال تعالى (ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين)..
عندما تشاء الإرادة الإلهية في إختبار إنسان ، ويُنْزِل الله القضاء ويقدر له مصيراً مقدراً له في الحياة ؛ فإنه يُنْزِل معه اللُّطف والرحمة (فالخير كله في يديك والشر ليس إليك)…
قصة جارنا الفتى (سالم) الذي يبلغ من العمر 20 سنة وهو لا يزال طالباً في الكلية عندما ابتلاه الله تعالى بالمرض الخبيث ، وخضع على أثره إلى عملية جراحية من بعدها أفقدته الحركة وأصبح منذ العامين في سريره لا يتحرك .. تغيرت حياة شاب صغير في مقتبل العمر بشكل كبير وفي جميع أمور الحياة ؛ بداية من الدراسة التي كان قد بدأها ذاهبا إلى حرم الكلية مع أصحابه كل يوم إلى أن اضطر إلى إنهائها من فراش مرضه من على جهاز كمبيوتر مثبت في سريره وغيرها من الأمور والتفاصيل الحياتية التي تغيرت أدخلته في حياة جديدة مختلفه غير التي اعتاد عليها..
إن ما يجعلك تقف على قصة(سالم) هو إعجابك بإرادة وعزيمة ذلك الشاب الذي تحَمَّل وقرَّر أن يمضي في حياته حتى لو من على سريره ، وإصراره على أن يجعل من نفسه شخصاً ناجحاً وفاعلاً في بيئته ومجتمعه ، عندما قرر إنهاء دراسته رغم الظروف التي يمر بها ، وكون أن هذا البلاء أصابه في عمر زاحم بالطموح والأحلام ، وانطلاقة الشباب إلى أن دخل وبمبلغ زهيد جداً في عالم التجارة والبيع والشراء بمساعدة عائلتة التي تحتويه وتدعمه ؛ أخرج ذاك المبلغ البسيط الذي يملكه في جيبه وعن طريق الإنترنت في جلب بضاعة صغيرة محدودة جداً إلى بيته ؛ ليكون له دخل ورزق منه ، وبفضل الله تعالى تلاقي تلك البضاعة المحدودة إقبال الناس من حوله ، ولربما من هذا العمل يجعله ينشغل عن وضعه بطول الساعات والأيام التي يقضيها ممدداً على سريره ؛ فهو شاب مفعم بالحيوية ومتمسك بالأمل الذي يجعله سوف يعيد إليه الحركة ، ويمشي على قدمية يوماً ما بعون الله تعالى.
إن شعلة الأمل والإصرار لديه تجعل منه شخصاً لديه طموح في التَّعَلُّم أكثر في عالم التجارة ، وهو يملك حساباً على الإنستجرام ويشارك متابعيه لبضاعته ، ويأخذ برأيهم وأذواقهم ؛ شاب عازم على الإنفتاح للحياة ، ودمج نفسه معها ، ورفض مع تلك المحنه العزلة والانطواء على نفسه رغم صغر سنه.
إن كل ما يحتاج إليه اليوم هذا الشاب الصابر ؛ هو العون من أصحاب الأيادي البيضاء والقلوب الرحيمة لمساعدته في السفر لتكملة علاجه حتى يَمُنَّ الله عليه بالشفاء ؛ فكل الأطباء قالوا : إنه بحاجة إلى العلاج الطبيعي المكثف حتى تعود الحياة إلى أطرافه وجسده.
إن قصة الشاب (سالم) تلخص معنى الصبر على البلاء ، وعدم الاستسلام في ما قُدِّر له ، وإنما يخلق من المعاناة حياةً جديدةً وإصراراً على المُضِي في ركب الحياة وتفاصيلها ، وأن الظروف لا تُغَيِّر واقع شخص فقط ، وإنما تغير معها قناعاته ، وتلهمه الدروس أن التمسك بالله العلي العظيم يمنحه النجاة من اليأس والعُزْلَة والأفكار السلبية وغيرها…