بأقلام الكُتّابمقالات وآراء

الصـلاة في بيـوت الله تعالـى..

حبـيـب بن مبـارك الحبـسـي

 

الصـلاة في بيـوت الله تعالـى..

 

هذا المكان المقدس في أية بقعه من الأرض هو بمثابة دار عبادة لها حرمتها وقدسيتها وتعظيمها؛ يتقرب فيها المسلم لأداء فرائضه المكلف بها يوميا، بالإضافة إلى فوائد جمة لا يدركها إلا من تعلق قلبه حبا وهياما بالله العلي العظيم، وعرف دور المسجد في حياته.

ما يجمعنا كمصلين معا أننا كلنا نرجو ونطمح في رضا الله تعالى وثوابه؛ ونكون منشغلين بهذا الهدف الروحاني الذي يربطنا بالخالق جل جلاله ونحن ندخل بيوته.

أي مصلٍّ يجب أن يكون مشغولا في وقوفه بين يدي المعبود جل جلاله لا يشغله شاغل، جامعا كل أحاسيسه ومشاعره مع الله تعالى، ولا ينشغل وينتقد ويراقب صلاة الآخرين، لأننا لسنا مأمورين بذلك فهذا نطاق خارج عن معنى أدائنا للصلاة؛ إلا لو رأينا ما يفسد الصلاة حينها نتدخل برفق وأسلوب مرضٍ.

وتصديقا لقول الحبيب محمد صل الله عليه وسلم إذا رأيتم الفرد يدخل المسجد فاشهدوا له بالإسلام.
ليس مطلوب منا مراقبة صلاة أحد وكيفية أدائه لها؛ فالصلاة مقام لا يعرف خشوعها وقبولها إلا من يصلي لله عز وجل، وورد في الأثر يقبل من الصلاة ما عقل منها.

المؤلم في دخولنا للمساجد أننا ندخل وقلوبنا مليئة بالأحقاد والقطيعة، نتفقد من نختلف معهم، ونراقبهم من بعيد، ونصطنع الحركات والمواقف حتى لا يلتصقوا بنا عند نداء إقامة الصلاة، حينها ننشغل بسرعة انتهاء الصلاة.
هذا الفعل المقيت يذهب عنا روح الصلاة وخشوعها وسكناتها ولذة العبادة والمناجاة؛ لأننا لم نتطهر من بقايا الحسد والحقد البغيضين، ولم تحرك الصلاة فينا وفق النهي عن الفحشاء والمنكر.

هذه العبادة مرتبطة بخلو القلب من مظاهر البغضاء والشحناء التي جعلتنا نتفقد فلان عن الوقوف بجانبنا في أهم ركن من العبادات.
الأمر الآخر .. بالعقلية السطحية الجاثمة على قلوب البعض؛ إذا حدث سوء فهم من موقف ما على تشغيل إحدى أجهزة التكييف أو أي موقف آخر؛ ستكون ردود الفعل قوية؛ فالقلب أصبح ضيقا حرِجا لا يُطيق ربما من تراكم مواقف أخرى، وإن لم يتنازل أحد الأطراف أو يتدخل أحد من الحاضرين بوجه الإصلاح لا تستبعد هجران أحد الأطراف بيت الله تعالى، والانتقال إلى مسجد أبعد عن سكناه.

هذه الالتواءات في المواقف لا تجسد لنا روح الصلاة وقيمتها؛ يجب أن تكون الصلاة في المسجد مكان نشعر فيه بذوبان الشحناء والقضاء عليها .. يجب علينا أن نعيد فهمنا وترتيبنا للصلاة كمعنىً روحي سامٍ تعبدي، هي لقاء مع رب العالمين، هي خشوع وخضوع مطلق لله عزوجل، هي هروب من الحياة بمشاكلها إلى رحاب الخالق جل في علاه، هي نهج واستقامة على الطريق الصحيح في كل شيء، هي تعديل وتغيير في تصرفاتنا وسلوكنا وأعمالنا إلى الأفضل، هي التوبة والاستغفار بشكل يومي، هي القرب والأُنْس مع اللطيف الخبير العليم، هي وقوف تذلل في دقائق معدودة، هي ترك كل ما لدينا في فترة أداء الصلاة، هي مناجاة أمام جلال ومقام الملك الديّان، هي لحظة اصطفاف بشر من دون تفريق وتمييز، هي ذوبان كل المصلين بغض النظر عن مشاربهم في صف واحد، هي لحظات بُعد عن الظلم والفجور والقطيعة والغش والكذب والسرقة وكل الاعمال المشينة، هي صفاء مطلق لما يجب أن نكون عليه.

عندما ندرك قيم الصلاة سندرك أننا نعبد الله حقا ونستعين به في اثأقوالنا وأفعالنا؛ لكن للأسف نؤدي فروضا ونوافل وسنن لكننا نخرج من الصلاة وقلوبنا كما هي والعياذ بالله لم ترتقِ صلاتنا ولم نرتقِ أدبا أمام الله، ولا خوفا من الله، ولا حبا لله؛ سكنت قلوبنا تلك اللحظات الخطأ التي حدثت بيننا وبين فلان.

بيوت الله تعالى يجب علينا أن ندفن فيها كل المشاحنات والبغضاء والعداوات، لنلتقي جماعة وقلوبنا توّاقة للخالق؛ خالية من كل الخلافات والقطيعة.

اللهم تقبل صلواتنا وقيامنا وصالحات أعمالنا…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى