هل نحن في عصر التبذير أم التقتير ؟!..
ماجـد بن محـمـد الوهـيـبـي
هل نحن في عصر التبذير أم التقتير ؟!..
نكادُ في كل يوم تشرق فيه الشمس نسمع قرارًا جديدًا يصدر من بعض كبار المسؤولين في البلاد، يحمل في طياته التناقض والتخبط بل والاستفزاز في كثيرٍ من الأحيان لهذا المواطن الذي لا يزال يمتطي صهوة جواد الصبر ، ولم يقطع أمله بربهِ أولًا مولاهُ وسيدهُ وخالقه ورازقه.
فهو يعيش على بارقةِ أملٍ يبعثها الله لتنتشله مما هو فيه، ثم بكل من أوكلت إليه هذه الأمانة وحملها ليؤدي حقها.
فهناك من يبشر بقرارت لم نرَ لها أثرا على الوجود.
وهناك من يُنفر ويتوعد بمزيدٍ من التقتير على المواطن فوق ما يعانيه هذا المواطن من عوز.
وهنا يحتار المواطن ويتساءل هل نحن في عصر التبذير أم التقتير؟!.
انعدمت الثقة بطول المدة وهو ينتظر الفرج ولم يعد هذا المواطن يثق بأحدٍ إلا بربه، فعدم ثقته بأي أحدٍ لم تأتِ عن فراغ، وذلك بسماعه لِهمِّ المهمومين وكربِ المكروبين واستغاثة المُسرحين من أعمالهم بعد مزاولة أعمالٍ كانت بالكاد تكفيهم رواتبها وتسترهم، فمن لليتامى والجائعين بعد الله ؟!.
عن نفسي لم أكن أتصور في يومٍ من الأيام أن أجد أُسَراً لا تتناول وجبة الغداء لأيام، ويبيتون ليلهم جوعى وقد تضورت بطونهم من الجوع في موسم الشتاء، تذكرت إخواننا في سوريا وفي العراق وفي فلسطين، وقد عانى الواحد منهم وارتفع صوت البكاء مع الأنين وقد قل الناصر إلا الله، وكل مسلم هُجِّرَ من وطنه ومنزله، وكان فراشه الأرض ولحافه السماء وكأنه لا أرض تقله ولا سماء تظله بعد وطن آمنٍ كان يتفيَّأُ ظلاله ويرتوي من مائه فرحماك يا ربِّ بالأحبة رحماك بهم وبكل مكلوم بالتبذير.
فيا من تتفاخرون بالتبذير والتصوير، ويا من تتقنون فن التقتير رفقًا بقلوب من لا يجدون خبز الشعير، وبشعوب عانت من التهجير، وواجهت لوحدها مُر المصير.
كفى استهتارًا بالمشاعر، فهناك من يموت من الجوع والبرد، وهناك من يزج به في غيابة السجون من أجل دراهم معدودة قد عجزت الأمة عن تسديدها عنه، ولكنها استطاعت تبذير الأضعاف المضاعفة منها فيما عدا ذلك، وشتان بين التبذير والتقتير.