و داوها بالتي كانت هي الدّاءُ!!..
يـوسـف الـبـادي
فـنّان تشـكيـلي وكاتـب
و داوها بالتي كانت هي الدّاءُ !!..
كأَن البلديات .. وبلدية مسقط خصوصاً ، إرتأت بأن الأمراض لا يداويها إلا مسببها ، واقتطعت مبررها استقاءً من شطرِ بيتٍ من الشعرِ لأبي نواس يقول : “… و دَاوِنِي بِالَّتِي كَانت هيَ الداءُ” ، و أردفت تؤكد انه ” لا يفل الحديد إلا الحديد”.
وكأنها بذلك صاغت قانوناً باستباحة أن يجمع الطيب مع الخبيث ، فكان الجمع بين طيب الطعام ، و”الشيشة” المسببة بشكل مباشر لأمراض كثر.
* * * * *
وأنا لذلك قلت : يا رحمة الرحمن أغيثي !!..
وذلك في مرات كُثر أدخل فيها مطاعم في مسقط ، تُلقم بلا استحياء زبائنها الذين يرتادوها : غاز أول أكسيد الكربون القاتل، والكوتينين، والنيكوتين ، وفطريات الفم ، وبكتيريا الهيلوكبتر ، ومسببات العقم ، والجراثيم المسببة للسل ، والتهاب الكبد الوبائي ، والتهاب القصبات الهوائية ، ومسببات معظم أنواع السرطان !! ، وتأكل المرأة ملاعق من المسببات للموت المفاجئ لأطفالها الحديثي الولادة ، ولصاحب مرض الربو يزداد مرضه ، والإصابة بتصلب الشرايين.
أتريدون المزيد ؟!! .. خذوا إذن ..
وفي كل “شفطة” من الشيشة ترتفع لزوجة الدم ، وبالتالي ترتفع احتمالية الإصابة بالجلطات ، وبالسكتات الدماغية ، والنوبات القلبية ، و خذ ملعقة أخرى من مطعم أستخرج إذناً من البلدية جرثومة المعدة تكون الشيشة أهم مسبباتها .
* * * * *
كل الذي ذكرته في الأسطر السابقة ما هو إلا أضرار علمية مؤكدة على من يستنشق دخان “الشيشة” وليس من يتناولها وحسب ، وخاصة في الأماكن المغلقة.
* * * * *
وبلدية مسقط ، أعمت عقلها عما يُعرف في الأوساط العلمية من هذه الاضرار ، واستباحت يدها تصاريح قانونية أن تقدم “الشيشة” لكل من يرغب من المطاعم أن يقدمها ، في الوقت الذي يقدم فيه الطعام بأنواعه ، في نفس المكان وفي أماكن مغلقة.
وتدّعي بلدية مسقط أنها اتخذت لذلك الاحتياطات الصحية لدرء أي أضرار تتسبب بها الشيشة لغير متناوليها.
وكأن البلدية لا تعرف أن هذه الأضرار تُسببها الشيشة حتى في الأماكن المفتوحة ، فكيف الحال بالمغلقة !! ، وكم هي النسبة التي من الممكن لهذه الاحترازات أن تقلل من الاضرار ؟ ، إن كانت قد اتخذت الاحتياطات فعلاً.
سيقول قائل : ومن ذا الذي يُجبر على الجلوس في ذلك المطعم ؟ ، أو سيقول آخر – كما أخبرني موظف خط البلدية الساخن – : أن الانسان “مخير وليس مسير” ، الذي أنتهى حديثه معي حينها بأنه سيرفع شكواي لــ لجنة البلدية للنظر فيها (هذا الاتصال كان قبل أربع سنوات تقريبا) ، فسألته : وهل كانت اللجنة لا تعرف ضرر الشيشة .. لتنتظر اتصالي لتعرفه ؟!!.
وهل كانت اللجنة حين أصدرت قوانين تحكم تواجد أماكن محلات تقديم الشيشة علمت عن جدية التطبيق في قوانين تقديم الشيشة منذ البداية ؟!! ، و هل كان القرار بمنع تقديم الشيشة بالقرب من المساجد قد طبق فعلاً ؛ وقد اختلط صوت المؤذن ورائحة المعسل في أماكن معروفة ؟! ، وهل كان المنع أن تقدم الشيشة بالقرب من المدارس مطبقا في شارع كشارع النور في المعبيلة ، ومدرسة في مساره يقابلها مطعم يقدم الشيشة ؟!.
الأمر من المرجح أن يتطور أكثر – وهو متطور – ، ليصبح الأصل في “المطاعم” بدلاً من تقديم “الطعام” ستقدم “الشيش ” – إن صح جمعها – ، والأمر بعيد عن المنطق مثلاً أن يكون متجر لبيع الخضار ، فيبتاع في رفوفه أدوات حلاقة !.
لكن المنطق هنا استبيحت دماؤه ، وتم السماح علناً أن تكون المطاعم هي الوحيدة من يسمح لها بتقديم ضِدَّيْن : الطعام الصحي والشيشة !!.