بأقلام الكُتّابمقالات وآراء

هـل مـن رادعٍ للـباص الأرعـن ؟!..

حمـد بن سالـم العـلـوي*

 

هـل مـن رادعٍ للـباص الأرعـن ؟!..

 

للمرة الثالثة وأنا أكتب عن هذا الموضوع، وأقول انقذوا الناس من الباص الأرعن، فليس حارتنا وحدها ممن يشكو من الحافلات المدرسية الرعناء، فلا اللون البرتقالي ولا اللون الأصفر أو الأبيض ولا أي لون آخر من ألوان الدنيا يردعها عن السرعة والتهور، فلن يضفي عليها السكينة والوقار، إلا المعرفة بالمخاطر، والنظام الصارم، ويجعلها تسير في الحارات وبين المنازل بحذر وحيطة، وهدوء كما هو الواجب، إلا بتحكيم العقل وترسيخ الفهم، فرعونة الحافلات في الأحياء السكنية، أصبح يشكل ظاهرة خطيرة، والناس يناشدون الجهات المسؤولة بوضع حد لخطورة هذه الحافلات.

ترى هل رأيتموهم كيف يقودون تلك الحافلات بسرعة غير آمنة، وكأن السائقين قد ضمنوا، أن لا أحد من الأطفال سيخرج من بيته، وذلك وقت مرور هذه الحافلات، فتجدهم يُسرعون بين المنازل مطمئنين، ويشبعون في أنفسهم حب السرعة.. وغريزة الاستعجال، وهم يسابقون الزمن حتى يتخلصوا من آخر طالب ينقلونه، أكان من المدرسة إلى منزله، أو العكس، ويغيب عن بالهم أن بعض الأطفال يخرجون في هذه الأوقات، تارة ليودعوا إخوانهم الذاهبين للمدارس، وأخرى لاستقبالهم عند عودتهم منها آخر النهار، ولكن هذه الاحتمالات لا تأت على أذهان سائقي الحافلات، وهذا الإهمال يسري على كل السائقين، حتى لو اختلفت أعمارهم، فإن السجية واحدة، والسلوك لا يختلف.

إذن؛ على الجهات المسؤولة، أن تفعل شيئاً يكسر حاجز الرعونة والإهمال، وذلك لتغيير سلوك هؤلاء السائقين، وألا يكتفون باشتراط تغيير ألوان الحافلات، فهذا أمر جيد لمن هو خارجها ليحذر منها، ولكن المطلوب ممن يجلسون خلف مقود الحافلة، أن يعلموا درجة الخطورة التي يتسببون فيها على أمن الناس، وخاصة فئة الأطفال المودعين أو المستقبلين لإخوانهم، وركاب هذه الحافلات من الطلبة، فحكايات الدَّهس تتكرر من هذه الحافلات، وحوادث نسيان الأطفال في الحافلات تتكرر كذلك، حتى صار بعض الأهالي، يعلمون أولادهم كيف يكسرون زجاج الحافلات، وذلك حتى لا يموتون اختناقاً فيها، وهناك من بالغ في الأمر، وأخذ يدسُّ مطرقة صغيرة في الحقائب المدرسية، حتى وإن كانت تزيد الثقل على ثقل الكتب المدرسية، وهم معذورون لأن المآسي التي تكررت في الماضي، أصبحت مبرراً كبيراً في الدفع إلى هذا الفعل، وذلك بالنظر إلى تدنيّ حرص السائقين على سلامة أولاد الناس.

فليس عيباً أن تتدخل الحكومة بسن النظم والقوانين، وفرض شروط وسلوكيات حميدة على السائقين، وتثقيفهم من خلال دروس خاصة في السياقة الآمنة أولاً، والحرص على سلامة الركاب من الطلبة، وخاصة الصغار منهم، وكيفية التعامل معهم في الركوب والنزول، والانتقال إلى المنزل أو إلى المدرسة، وطبعاً لن نكون نحن بدعاً في هذا الاهتمام، فالآخرين قد سبقونا في هذا الإتجاه.. اللَّهُمَّ فقد بلغت، اللَّهُمَّ فأشهد.

– إعـلم أخي السائـق ..

{أن السياقة : “فن، وذوق، وأخلاق” وأنت تعلم أن المركبة لا عقل لها ولا إرادة، بل عقلها بيد سائقها، وعليك أخي السائق؛ أن تتجنب أخطاء الآخرين، فخذ حاجتك من الطريق، واتركه آمناً لغيرك كونه ملك الجميع}.

 * خبير في تخطيط حوادث المرور – مؤسس مركز طريق الأمانة لخدمة السلامة المرورية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى