بأقلام الكُتّابمقالات وآراء

مساجد البصرة الفيحاء..

المستشار/ عبدالعزيز بدر القطان

كاتب ومفكر وقانوني – الكويت

 

مساجد البصرة الفيحاء..

 

تحوي البصرة ما يقارب الـ 200 مسجد، إلا أن أهمها المساجد التاريخية الأثرية المشهورة وهي:

جامع البصرة الكبير، هو أول مسجد في الإسلام خارج منطقة شبه الجزيرة العربية، وبني عام 14 للهجرة بعد فتح البصرة من قبل القائد العربي عتبة بن غزوان في عهد الخليفة الثاني سيدنا عمر بن الخطاب، وبعد حريق البصرة الكبير عام 17 للهجرة، أعيد بناؤه مرة أخرى من قبل الوالي الصحابي أبو موسى الأشعري.

شهد هذا المسجد مراحل مهمة من تأريخ الإسلام والمسلمين وتأريخ العراق ففي أروقته كانت تعقد حلقات الدرس العلمية والفقهية واللغوية حتى صار فيما بعد من أكبر المعاهد العلمية الذي درست فيه مختلف العلوم.

وفيه ألقى الخليفة الرابع امير المؤمنين الامام علي بن أبي طالب خطبته الشهيرة عندما وصل إلى العراق عام 36 للهجرة، ولذلك يطلق عليه اليوم أيضا اسم جامع خطوة الإمام علي ، ومن مشاهير من زاروا المسجد أو قضوا شطراً من حياتهم بين جنباته، عبد الله بن عباس، والحسن البصري، وتلميذه واصل بن عطاء، وكبار علماء المعتزلة، وأبي علي الجيائي، وأبو الحسن الأشعري، ونشأ عنه مذهب الأشاعرة في علم الكلام، فضلاً عن عشرات الصحابة الذين استقروا في البصرة أو أقاموا فيها فترات مختلفة خلال معارك المسلمين لفتح بلاد فارس ويضم حاليا مكتبة ضخمة فيها وثائق وكتب نادرة ونفيسة.

لكن، المسجد حاليا ورغم إعادة تعميره والاهتمام به بحيث أصبح مقصدا مهما للسياحة الدينية على وجه التحديد، لكنه ما زال بحاجة إلى اهتمام أكثر وصيانة الأجزاء التراثية الموجودة فيه بشكل مستمر وفقا للقائمين عليه.

ومن المفارقة الأخرى الحجاج بن يوسف الثقفي ارتكب بهذا المسجد المجازر.

وكان إمام أئمة هذا المسجد عالم إمام البصرة الجليل الكبير سيد التابعين “الإمام الحسن البصري” والإمام “محمد إبن سيرين” وسيدنا “أنس بن مالك” خادم النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وبالمناسبة ابن سيرين صلى على أنس بن مالك وكان مرافقاً له، وكان يروي عنه وكان يستمع ويدون له أغلب أحاديثه.

فمسجد البصرة الكبير يقولون سمي المسجد الجامع وله مسميات كثيرة جدا، ويتوافد عليه الكل من كل حدب وصوب خصوصاً في زمن الدولة العثمانية سواء من باكستان والهند والخليج، هذا المسجد موجود في قضاء الزبير، فعندما تجبس وتقرأ وتتأمل تاريخ هذا المسجد هذا المكان مدرسة الحديث النبوي الأولى، خصوصاً في العراق، وكل كتب الحديث من البخاري إلى مسلم إلى إبن حبان وغيرهم البداية الحقيقية من مسجد البصرة.

وفي البصرة، جامع المقام، أسس عام 1754 م، وسبب تسمية الجامع بالمقام نسبة إلى دار المقام العالي، ومسجد ابن عيد، وهو من مساجد البصرة القديمة ولقد بني قبل 300 عام تقريباً ويقع في محلة المشراق وسط البصرة، جامع العشرة المبشرة، وجامع السيد علي الموسوي، وجامع الهدى، وجامع الرحمن، وجامع القبلة، وغيرهم الكثير.

وهل أروع مما كتب الإمام شمس الدين الذهبي في سير أعلام النبلاء، هو محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز بن عبد الله التركماني الأصل ثم الدمشقي شمس الدين الذهبي. ويعتبر الإمام الذهبي مؤرخ الإسلام، كما أنه أحد أعلام الحفاظ الذين برزوا في علم الحديث، المولود 673 للهجرة في دمشق، وقد خلف الحافظ الذهبي للأمة الإسلامية ثروة هائلة من المصنفات القيمة النفيسة التي هي المرجع في بابها وعظمت الفائدة بهذه المؤلفات ونالت حظاً كبيراً من الثناء وكان لها القبول التام لدى الخاص والعام.

فعندما أتكلم اليوم عن مساجد البصرة من الطبيعي جداً أن أقرأ وأتتبع ما كتب الإمام شمس الدين الذهبي في سير أعلام النبلاء عن العلماء الذين مروا في العراق منذ زمن عمر بن الخطاب الذي فتح العراق والمدائن وغيره من العلماء لأعرف التواريخ وأستطيع الوصول إلى نتيجة لأعرف تاريخ هذا المكان أو هذه البقعة من الأرض من تاريخ الكوفة أو تاريخ البصرة وغيرها.

في كتاب سير أعلام النبلاء للذهبي، وتاريخ علماء البصرة ستصل أيضاً إلى نتيجة معينة عن تاريخ مساجد البصرة والأماكن التاريخية التي أهملت ولم يعرف عنها أحد؛ حتى القبور فهناك قبور وهمية وتحققت من هذا الأمر من محدث البصرة الكبير الأستاذ د. عبد الباسط خليل محمد الدرويش “1958” م، أستاذ علم الحديث وعلومه في قسم القرآن الكريم بكلية العلوم الإنسانية في جامعة البصرة، هذا مؤرخ وكتبه جميلة وعلمية وأكاديمية.

المسجد مدرسة حديث عريقة كان يجلس فيها سعيد ابن جبير وإسجق ابن راهوي وأبو حنيفة النعمان وابن سيرين ومحمد ابن إسماعيل البخاري أول زيارة له لطلب الحديث والعلم كان مسجد البصرة، حتى علماء اللغة أبو الأسود الدؤولي الأصمعي كلهم كانوا في هذا المسجد يمرون حتى الامام محمد بن إدريس الشافعي.

وفي بداية النهضة في الخليج المعمارية والثقافية كان علماء الحديث من الخليجيّين من المذهب المالكي كانوا يزورون البصرة ويطلبون العلم منها، وفي الخليج كانت هناك مدرسة الإحساء التي تضم علماء المالكية والشافعية كانوا يزورون البصرة، فكانت الأرواح كلها تتوافد إلى البصرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى