مطـبّـات الضَّـرورَة والضَّـرَر!!..
حمـد بن سالـم العـلـوي*
مطـبّـات الضَّـرورَة والضَّـرَر!!..
لقد انتشرت منظومة المطبات على الطرق في السنوات الأخيرة، وذلك في كافة شوارع السلطنة، وهذه ثقافة حديثة أضيفت إلى ثقافات أخرى طارئة على البلاد، وقد ترتبت ذلك مع تدني طاعة الناس لنظام المرور، هذا النظام الذي تحول إلى جباية الأموال أكثر من غرض الإصلاح، وهذا نتيجة مباشرة لضعف وازع الحياء والاحترام بين مستخدمي الطريق، وكذلك وازع الخوف من نتائج السرعة القاتلة للبشر، والمتلفة للأملاك، وأصبحت حوادث المرور غير مكلفة للسائقين، وليست المخالفات وحدها تمثل عقوبات مخففة، فصارت الأمور تتوقف على الدفع المالي في معظم الحالات.
وأمست حيلة الجهات المعنية، حشو الطرقات بأصناف متنوعة من المطبات، حتى عند المنافذ الحدودية، تجد ربكة من المطبات لتخفيف سرعة السيارات، وكأن السلطة المسؤولة عن هذه المنافذ، قد عجزت عن فرض هيبتها في عرينها إلا بالمطبات، وهذا اعتراف غير مباشر بالعجز عن فعل الشيء الذي يفرض هيبة النظام.
فقد تجد مبالغة واضحة في عمل هذه المطبات أينما اتجهت، ففي مرات عديدة تتفاجأ بهذه المطبات في مناطق غير مأهولة بالسكان، ومرات تكون للتعريف بمكانة شخصية ما، حتى وإن كانت غير معروفة إلاّ مع نفسها، أو مع من وضع لها المطبات على الطريق العباد، وذلك فقط لأجل إظهار إن فلاناً من الناس شخصية مهمة ووجب العلم بذلك، فلأجله لا بد من تكسير سيارات خلق لله.
وهناك مطبات مركبة، فلا تجاد تتجاوز الأول حتى يستقبلك الآخر، ولا تعرف سبباً واحداً لهذا التكرار الممل، لأن الإنسان لا يمكنه أن يؤسس لسرعة خطيرة، حتى يتم تداركه بمطب آخر، فتجد العجب العجاب من هندسة توزيع هذه المطبات، وذلك لعدم وجود مبرر مقنع، إلاّ تشويه الطرق، والتسبب في خراب السيارات؟!!
وهنا لا أطالب بإلغاء هذه المطبات في الوقت الراهن على الأقل، برغم كثرة الأذى التي تسببه للمركبات، ولأن للضرورة أحكام، وحتى تنقل هذه المطبات بالتثقيف المروري، وذلك من الشوارع إلى عقول الناس، فستظل الحاجة لها قائمة، فيجب أن يقتنع الناس بخطورة السرعة، أو يكون الإقناع بالردع المناسب، كما هو الحال في دول العالم، فقد ذهبت إلى أمريكا كباحث مروري، وزرت خمس ولايات أمريكية، فلم أرى مطباً واحداً على مدى ثلاثة أسابيع من التجوال، فلا أعرف كم من الوقت سنحتاج حتى نستعيد نظام المرور الرائع، الذي كان معنا في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، وقد فقدناه الآن للأسف الشديد.. فهل للشيخوخة من سببٍ في ذلك، أم في الأمر تقليد للآخرين وحسب؟!!
– إعلم أخي السائق :
{إن السياقة : “فن، وذوق، وأخلاق” وأنت تعلم أن المركبة لا عقل لها ولا إرادة، بل عقلها بيد سائقها، وعليك أخي السائق؛ أن تتجنب أخطاء الآخرين، فخذ حاجتك من الطريق، واتركه آمناً لغيرك كونه ملك الجميع}.
(*) – خبير في تخطيط حوادث المرور – مؤسس مركز طريق الأمانة لخدمة السلامة المرورية.