المدونة العالمية لأخلاق السياحة .. الجزء (3)..
الكاتب/ محمد علي البدوي
متخصّص في شؤون السياحة الدولية
المدونة العالمية لأخلاق السياحة .. الجزء (3)..
وبعد أن استعرضنا الديباجة الافتتاحية في المقالين السابقين ننتقل إلى مواد المدونة والتي سوف نلاحظ أنها مجموعة من القيم السامية والضوابط والتعليمات والقوانين التي تنظم عمل صناعة الصناعة لتتحول إلى قاعدة عامة تفرض الإلتزام بها من أجل نمو صناعة السياحة وتنمية المجتمع الدولي وسوف نلاحظ أن بنود المدونة حاولت أن تشمل كل ما يتعلق بصناعة السياحة والنشاطات المتصلة بها في تكامل فريد يؤكد على أهمية هذه المدونة وقدرتها إن تم تطبيق بنودها بدقة في تنشيط حركة السياحة ووضع الضوابط المنظمة لنهضة الصناعة؛
1- المادة الأولى :
(مساهمة السياحة في التفاهم والاحترام المتبادليْن بين الشعوب والمجتمعات).
1- يشكل التفاهم وتعزيز القيم الأخلاقية المتعارف عليها بين البشر، بالإضافة إلى التسامح واحترام تنوع العقائد الدينية والفلسفية والأخلاقية أساساً للسياحة المسؤولة ونتيجة لها، لذا ينبغي لأصحاب المصلحة في التنمية السياحية وللسائحين أنفسهم مراعاة التقاليد والعادات الإجتماعية والثقافية لكافة الشعوب، بما فيها الأقليات والسكان الأصليون والاعتراف بقيمتها.
2- كما يجب أن تتم الأنشطة السياحية في انسجام مع سمات وتقاليد المناطق المضيفة واحترام قوانينها وممارساتها وأعرافها.
3- وعلي الجانب الآخر يجب علي المجتمعات المضيفة والمهنيين المحليين التعرف علي السياح الذين يزورونهم واحترامهم ومعرفة أنماط حياتهم وأذواقهم وتوقعاتهم.
4- التعليم والتدريب في فن الضيافة يسهم في تعزيز ذلك.
كما يجب على السلطات العامة توفير الحماية للسياح والزوار وإيلاء إهتمام خاص لسلامة السياح وتوفير أقصي درجات الأمان لهم.
5- يجب إدانة أي هجمات أو اعتداءات أو اختطاف أو تهديدات ضد السائحين أو العاملين في صناعة السياحة وكذلك التدمير المتعمد للمرافق السياحية أو عناصر التراث الثقافي أو الطبيعي ومعاقبة من يقوم بذلك بشدة وفقا للقوانين المحلية.
6- وعند السفر يجب علي السائح ألا يرتكب أي عمل إجرامي وأن يمتنع عن أي سلوك يشعر السكان المحليون بأنه مسئ أو ضار أو من المحتمل أن يلحق الأذى بالبيئة المحلية ويجب علي السائحين الامتناع عن جميع أشكال الإتجار غير المشروع بالمخدرات والأسلحة والتحف والأنواع والمنتجات المحمية والمواد المحظورة.
7- يجب علي عاتق السائحين والزوار تعريف أنفسهم بخصائص البلدان التي يستعدون لزيارتها حتي يكونوا علي دراية بالسلبيات والإيجابيات وأن يتصرفوا بطريقة تقلل من المخاطر.
2- المادة الثانية :
(السياحة كأداة للرقي الفردي والجماعي).
1- يرتبط النشاط السياحي عادة بالراحة والاستجمام والرياضة وبكونه سبيلا إلى الثقافة والطبيعة لذا ينبغي أن يراعي في التخطيط لها وممارستها أنها وسيلة متميزة للرقي علي المستوي الفردي والجماعي، وعند ممارسة هذا النشاط بعقلية متفتحة تصبح السياحة عنصرا لا مثيل له للتعلم والتسامح والتعرف على الاختلافات القائمة بين الشعوب والثقافات والتنوع فيما بينها.
2- ينبغي أن تراعي الأنشطة السياحية المساواة بين الرجل والمرأة وتعزيز حقوق الإنسان خصوصا الحقوق الفردية للمجموعات الأكثر قابلية للتعرض للأخطار لا سيما الأطفال والشيوخ والمعاقين والأقليات العرقية والسكان الأصليّين.
3- يتعارض إستغلال البشر بأي شكل من الأشكال خصوصا الإستغلال الجنسي مع الأهداف الأساسية للسياحة، ويعد إنكارا لها لاسيما إذا استهدف الأطفال، وينبغي وفقا للقانون الدولي محاربة هذا الاستغلال بكل قوة من خلال التعاون بين جميع الدول المعنية، وأن تعاقب عليه التشريعات الوطنية لكل من الدول المضيفة والدول التي ينتمي إليها مرتكبو هذه الأعمال حتى لو حدثت بالخارج.
4- السفر للأغراض الدينية والصحية ولأغراض التعليم والتبادل الثقافي واللغوي من أشكال السفر المفيدة على نحو خاص وهي جديرة بالتشجيع.
5- ينبغي أيضا التشجيع علي أن تتضمن المناهج التعليمية بيانا بأهمية ما يتبادله السائحون وبجدوي السياحة إقتصاديا واجتماعياً وثقافياً، فضلاً عن بيان مخاطرها.
3- المادة الثالثة :
(السياحة عامل للتنمية المستدامة).
1- ينبغي لجميع أصحاب المصلحة في التنمية السياحية حماية البيئة الطبيعية بقصد تحقيق نمو اقتصادي متواصل ومستدام يتجه نحو تلبية إحتياجات الجيل الحالي والأجيال القادمة بصورة عادلة.
2- ينبغي للسلطات العامة المحلية والإقليمية والوطنية إعطاء الأولوية وتشجيع كافة أشكال التنمية السياحية التي تؤدي إلى صون الموارد الشحيحة والقيمة خصوصا المياه والطاقة وأن تتجنب بقدر الإمكان الإنتاج الذي يخلف النفايات.
3- ينبغي العمل على توزيع تدفقات السياح من حيث الزمان والمكان خصوصا ما ينجم عن الإجازات مدفوعة الأجر وعطلات المدارس والتوصل إلى توازن أفضل يخفف ضغط النشاط السياحي على البيئة ويعزز أثره المفيد على صناعة السياحة والإقتصاد المحلي.
4- ينبغي أن يراعي في تصميم البنية الأساسية للسياحة وفي برمجة الأنشطة السياحية ضرورة حماية التراث الطبيعي المؤلف من النظم البيئية والتنوع البيولوجي وحماية ما في الحياة البرية من كائنات معرضة للخطر كما ينبغي لأصحاب المصلحة في التنمية السياحية لاسيما المشتغلين بالسياحة أن يتقبلوا فرض حدود وقيود على الأنشطة التي يقومون بها ولاسيما إذا كانت هذه تتم في مناطق ذات حساسية خاصة مثل المناطق الصحراوية أو القطبية أو في أعالي الجبال والمناطق الساحلية والغابات الاستوائية أو الأراضي الرطبة وهي مناطق ملائمة لإيجاد المحميات الطبيعية أو مناطق محمية.
5- من المسلم به أن سياحة الطبيعة والسياحة البيئية يسهمان في إثراء المستوى السياحي والنهوض به بشرط احترامها للتراث الطبيعي والسكان المحليّين وحمايتهما للطاقة الاستيعابية للموقع.
4- المادة الرابعة :
(السياحة كمستخدم لتراث الإنسانية الثقافي وكمساهم في تعزيزه).
1- الموارد السياحية جزء من تراث البشرية المشترك للمجتمعات التي تقع تلك الموارد في أراضيها حقوقها وواجباتها الخاصة في هذا الصدد.
2- ينبغي تنفيذ السياسات والنشاطات السياحية على نحو يسمح باحترام التراث الفني والأثري والثقافي والمحافظة عليه ونقله للأجيال القادمة، كما ينبغي بذل عناية خاصة لحفظ الأبنية التاريخية والأماكن المقدسة والمتاحف وكذلك المواقع الأثرية والتاريخية مع تهيئتها بقدر الإمكان لزيارات السائحين وينبغي أيضا تشجيع إطلاع الجمهور على الممتلكات الثقافية والأبنية التاريخية ذات الملكية الخاصة مع إحترام حقوق مالكيها وكذلك المباني الدينية دون الإخلال بالاحتياجات العادية للعبادة فيها.
3- ينبغي إستخدام الموارد المالية الناتجة عن زيارة المواقع الثقافية والأبنية التاريخية أو أي جزء منها على الأقل في حفظ وصون وتنمية وتزيين هذا التراث.
4- ينبغي أن يتم تخطيط النشاط السياحي بأسلوب يسمح للمنتجات الثقافية والحرف والتراث الشعبي بأن تبقى وتزدهر بدلا من أن يؤدي بها إلى التدهور والابتذال.
5- المادة الخامسة :
(السياحة نشاط نافع للدول والمجتمعات المحلية المضيفة).
1- ينبغي أن يشارك السكان المحليون في الأنشطة السياحية وفي المنافع الإقتصادية والاجتماعية والثقافية الناجمة عنها خصوصا فيما توجده من فرص عمل مباشرة وغير مباشرة.
2- ينبغي تطبيق السياسات السياحية بأسلوب يسهم في رفع مستوى معيشة سكان الأقاليم المضيفة ويلبّي احتياجاتهم، ومن ثم ينبغي أن يهدف النهج التخطيطي والمعماري للمنتجعات السياحية وأماكن الإقامة وأسلوب تشغيلها إلى دمجها بقدر الإمكان في النسيج الإقتصادي والإجتماعي المحلي وإعطاء الأولوية في حالة تساوي المهارات للقوى العاملة المحلية.
3- ينبغي توجيه عناية خاصة للمشاكل التي تعترض المناطق الساحلية والجزر والأقاليم الريفية والجبلية شديدة التأثر، والتي تمثل السياحة بالنسبة لها فرصة نادرة للتنمية في مواجهة تقلص النشاطات الإقتصادية التقليدية.
4- ينبغي للمشتغلين بالسياحة، لاسيما المستثمرين منهم الذين يخضعون للقوانين الصادرة عن السلطات العامة؛ أن يقوموا بإجراء دراسات عن أثر مشاريعهم التنموية على البيئة ومحيطها الطبيعي، كما ينبغي عليهم تقديم بيانات واضحة وموضوعية عن برامجهم المستقبلية وتأثيراتها المتوقعة، وتعميق الحوار مع السكان المحليين حول مضمون هذه البرامج.
ونكتفي في هذه المقالة بخمس نقاط آملين أن تتم قراءتها بعناية فائقة لكي تعم الفائدة.
(منقول بتصرف).