بأقلام الكُتّابمقالات وآراء

لـمـاذا الآن ؟!!..

عائشة بنت صالـح الشـحيـمي

 

لـمـاذا الآن ؟!!..

 

قد تصادفنا في حياتنا الاجتماعية أمور تجعلنا في حيرة من أمرنا، فمثلاً إذا أقبل شهر رمضان أو الأشهر الحرم، تجد الكثير يهرولون في طلب العفو والمغفرة من الذين أخطأوا في حقهم.

أو إذا كان أحدهم في مجال العمل، وقرر أن ينتقل إلى مكان آخر، بسبب عدم ارتياحه في المكان، وبسبب المضايقات والانتقادات التي يتلقاها يومياً من زملائه، فتجدهم يسارعون إليه لِيُجَمِّلوا أنفسهم في الأيام القليلة الباقية له في العمل، ليخرج وقد تركوا إنطباعاً جميلاً في قلبه.

سؤال (لماذا الآن) ؟ يطرح نفسه في مثل هذه المواقف وغيرها الكثير.
لماذا لا نكون لطفاء مع بعضنا البعض في كل وقت ؟! لماذا لا نكف عن إيذاء الآخرين، ونكف عن تجريحهم واحتقارهم؟!.

الموجع في الأمر، أنه عند انتهاء شهر رمضان على سبيل المثال، فإنهم يعودون إلى عاداتهم السابقة والمزعجة، وكأنهم لم يطلبوا منا الصَّفْح من قبل؛ بل كانوا يرجوننا من أجل ذلك، وهذا في حد ذاته تناقض، لأن الذي استطاع أن يتغير في شهر رمضان ويكون لطيفاً في المعاملة وخلوقا، فهو قادر أيضا على أن يتغير في باقي الشهور.
إذن العيب في الشخص نفسه، لأنه لم يسعَ بصدق على أن يتغير إلى الأحسن، ولم يجاهد نفسه على ذلك.

ربما يقول أحدهم بأنه ليس لنا دخل في نوايا الآخرين، وأقول له بأنه نعم ليس لنا دخل، ولكن أيضا لا يحق لذلك الشخص أن يطلب منا المسامحة في وقت معين ومحدد، ثم يعود لأذيتنا متعمداً مرة أخرى وبقوة بعد الانتهاء من فترة معينة.
وبالتأكيد من يطلب منا المسامحة ويكون صادقاً في ذلك ولا ينوي أذيتنا ابداً، فسيجد باب الصَّفْح مفتوحاً له.

وماذا عن الذي يؤجل طلب العفو عمَّن آذاه حتى قبول شهر رمضان، فهل هو ضامن نفسه أنه سيعيش حتى تلك الفترة؟!، وهل يظن أن صاحب المَظْلَمَة قد يعفو عنه؟!.
تفكير سطحي جداً، وإن دل على شيء فإنما يدل على عدم الاهتمام بمشاعر الآخرين وعدم المراعاة؛ لأن الذي أخطأ في حق أحدهم؛ فإنه يجب عليه بأن يسارع في طلب العفو ولا يؤجله لمناسبة معينة فشهر رمضان أو شهر ذي الحجة ليس شهادة ضمان بصدق النية، وإنما الأفعال هي الأهم، (ومن منا لا يُخطئ)؟.

وكذلك فهو شعور مؤلم جداً عندما أعلم أن الذي طلب مني العفو، ليس من أجلي، ولكن من أجل شيء اخر، فأراه بعدها يتعمد جرحي، وقد كان من قبل يطلب الصَّفح والعفو.
والقلوب ليست لعبة، تقلبها بين يديك كيف تشاء ومتى خطر ببالك، فإما أن تأتيها بصدق فتزيل عنها ما تركه لسانك الجارح وأفعالك المسيئة، أو أن تلقى جزاءك من الله عز وجل.

لذلك كونوا لطفاء في كل حين وكل وقت، وسارعوا في طلب الصَّفح قبل أن تداهمكم المَنِيَّة فلا تجدون وقتاً لإزالة السهام التي غرستموها في قلوب الآخرين..

من كتاب (لقد آن الأوان).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى