بأقلام الكُتّابمقالات وآراء

كيـف تخـتار الصـديق الحقيـقي ؟..

خالـد عمـر حشـوان

 

كيـف تخـتار الصـديق الحقيـقي ؟..

 

في جلسة أبوية مع طفلتي التي لم تبلغ الثانية عشرة سنة، سألتني سؤالا مهما، ألا وهو: كيف أختار صديقة جيدة تعرف معنى الصداقة الحقيقية؟ وهو ما جعلني أفكر كثيرا في إيجاد رد مقنع وواقعي لها وقررت أن أكتب هذا المقال الذي يحدد كيفية اختيار الصديق الحقيقي والمعايير المهمة التي يجب توافرها في هذا الصديق، وهي شاقة وصعبة لأن هذا الصديق سوف يشغل الجانب الأكبر من حياتنا ويستمر معنا في مشوار العمر ويقاسمنا جميع لحظات الأفراح والأحزان والسعادة، لذلك لابد لنا في البداية من معرفة نوعية الأصدقاء الذين نرغب الحصول عليهم من ثلاثة أصناف معروفة ومشهورة للأصدقاء.

أنواع الأصدقاء المعروفة في الحياة :

1- الأصدقاء العاديون : هم أصدقاء تتم مقابلتهم من حين لآخر وغالبا ما يتواجدوا في المناسبات الاجتماعية أو الأنشطة الترفيهية أو الرياضية أو حوار المجالس وتكون العلاقة معهم عادية وقد نعتبرهم من المعارف في الحياة.

2- الأصدقاء العابرون : هم غالبا أصدقاء الدراسة أو العمل أو الدورات المؤقتة والذين نقابلهم بمعدل يومي في مرحلة معينة ولكن لا يكون هناك أي نوع من التواصل بعد اللقاء وتنتهي العلاقة معهم بمجرد انتهاء مرحلة الدراسة أو العمل أو أي مرحلة مؤقتة كانت تجمعنا بهم.

3- الأصدقاء الحقيقيون : هم الأصدقاء الذين يشعرون بتقارب فكري وثقافي وتربوي وتربطهم علاقة دائمة ومستمرة قد تكون يومية أو غيرها ولكنها تتميز بمتانة قوية وثقة كبيرة في ولائهم عند الحاجة وعمق بئر الأسرار لديهم وحسن تقديرهم للصداقة الحقيقية وشعورهم بالراحة والأمان عند اللقاء وتجاذب الحديث.

معايير اختيار الأصدقاء الحقيقين :

توجد عدة معايير ولكننا سوف نركز على الأهم والأكثر تأثيرا في العلاقة ومنها:

* الصلاح والاستقامة : من المهم جدا اختيار صديق يتميز بالصلاح والاستقامة في طباعه وسلوكه وتربيته وتعامله مع الناس والتزامه وطريقة نظرته للحياة ولمن حوله من الأصدقاء لما له من تأثير على علاقة الصداقة المستقبلية.

* التوافق الفكري والثقافي : وهو معيار مهم في الاختيار لكيلا تكون هناك فجوة مستقبلا في الفكر بين الأصدقاء والتعامل والنقاش ولتكون هناك مساحات ايجابية من التفاهم والانسجام في العلاقة ومسيرتها.

* حُسْن الخُلُق : هي من أكثر متطلبات علاقات الصداقة الجديدة لأن فقدان حسن الخلق والمبادئ في الحياة وسيلة للانحدار وسوء التوجه والسلوك، وبالتالي سوء السمعة في المجتمع.

* الإيجابية والطموح : من أكثر الفوائد التي يجنيها الأصدقاء من أصدقائهم هي العيش بإيجابية وزرع الطموح العالي بينهم والذي يساهم في الأمل والتفاؤل والتقدم وتجاوز الصعوبات والعقبات والنجاح.

* الصدق والأمانة : للصدق أهمية بالغة في التعامل بين الأصدقاء وخاصة في النصائح والتوجهات والأمانة والمصارحة وعدم المجاملة التي قد تكون سببا في الاستمرار في الاتجاه الخاطئ.

* الدعم والإخلاص : كل ما يحتاجه الصديق من صديقه الحقيقي هو الدعم بالوقوف معه عند الشدائد والظروف غير الجيدة والأزمات الطارئة ويكون له السند الحقيقي بعد الله عز وجل ويكتم الأسرار ولا يتباهى بذلك.

* البُعْد عن أصدقاء المصلحة : قد يكتشف الإنسان أن بعض الأصدقاء تربطهم به علاقة مصلحة معينة وتنقضي بانقضاء المصلحة، لذلك لابد من تجنبهم وعدم استمرار العلاقة معهم والحذر منهم.

* تَجنَّب أصحاب الحسد والغيرة : وهم الذين يحسدون الأصدقاء على نِعَم الله عليهم ويَغِيرُون منها وهم للأسف متواجدون في حياتنا، لذلك لابد من اكتشافهم وتجنبهم وتجاوز العلاقة معهم.

* الصديق الذي يملك نفسه عند الغضب : هو الذي تتم مراقبته في حالات الغضب لمعرفة ردة فعله ومدى سيطرته على الغضب وعدم توجهه للعدوانية، فقد أثبت العلم أن 10% ممن يغضبون يصبحون أشخاصاً عدائيين ويجب علينا تجنب هذه الفئة والبعد عنهم.

* أصدقاء السفر المخلصين : هم الأصدقاء الذين يظهرون على حقيقتهم وطبيعتهم في السفر برفع التَكَلّف والتصنع وإمكانية قياس قدرتهم على الصبر والتحمل واستشعار الأخوة والصداقة الحقيقية والإخلاص.

وأختم بأعظم صداقة على مر التاريخ والتي تَجَلّتْ في أبهى صورها في شخصية أبي بكر الصديق رضي الله عنه وصحبته ومواقفه المشرفة مع سيد الأنبياء محمد بن عبدالله عليه أفضل الصلاة والسلام، سواء كان ذلك في بداية الإسلام أو في رحلة الهجرة أو في غيرها من المواقف المشهورة عنه، حيث كان النبي عليه الصلاة والسلام أغلى عند أبي بكر من نفسه وماله وأهله وولده، وقد أكد الرسول عليه الصلاة والسلام ذلك في حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما عندما قال: “رأيتُ كأني أُعْطيتُ المَقاليدَ والموازينَ فأما المقاليدُ فهي المفاتيحُ فَوُضِعَتُ في كِفَّةٍ وَ وُضِعَتْ أُمتي في كِفَّةٍ فَرَجَحْتُ لهم، ثم جيء بأبي بكرٍ فَرَجَح بهم، ثم جيء بعمرَ فَرَجَح بهم، ثم جيء بعثمانَ فَرَجَح، ثم رُفِعَتْ فقال له رجلٌ : فأين نحن ؟ قال أنتم حيث جَعلتم أنفسَكم” (المحدث الألباني)، وقد لُقّبَ أبي بكر “بالصديق” لتصديقه الوحي وهو أول من آمن بالله ورسوله من الرجال وأفضل من خلق الله بعد الأنبياء والرسل وكان نعم الرفيق، والصاحب الوحيد للرسول عليه أفضل الصلاة والسلام في رحلة الهجرة من مكة للمدينة المنورة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى