قصص ، رواياتمنوعات

جريمة على شاطئ العُشّاق .. الفصل (5)..

فـايـل الـمـطـاعـنـي

كـاتـب و قـاص

 

جريمة على شاطئ العُشّاق .. الفصل (5)..

 

سنجام و سنجاي*

هذا الكلام كان يقوله بحنان ورقي لم أجده في أي رجل قابلته من قبل، يعاملني كسيدة وليس كطبيبة كما يفعل بقية الرجال حالما يعرفون طبيعة عملي ويسبق اسمي بلقب دكتورة؛ ربما مظهر الطبيبة وجديتها طغى على ملامحي؛ فلم يجد فيني الرجال تلك الأنثى التي تحظي بإعجابهم.

لا أعلم كيف أسرني بكلماته تلك، فأعطيته رقمي برغم أنني لا أعطي أرقامي لأحد .. وضحكت النقيب “منى” رغم بشاعة المنظر وكآبته وقسوته؛ قائلة : هذه الأيام الرجال مصابون بالعمى أنت حسناء وفاتنة جداً.

يبدو أنني لم أجلس معك منذ فترة طويلة؛ إنها مشاغل العمل ومتاعبه تبعدك عن أصدقائك؛ وعندما نطلب إجازه وكأننا نطلب راس غليص*.

ثم استمرت في حضن صديقتها قائلة لها : أكملي أيتها الشابة الجميلة؛ لقد عرف عبدالعزيز كيف يثير مشاعرك ويحولها اتجاهه .

فأكملت “هدى” قائلة : كنا نخرج باستمرار مع بعض كان يرسل لي باقة الورد كل صباح، ويضعها أمام سيارتي، ويكتب عليها من سنجام إلى سنجاي* ويرسم قلباً ويغادر.

كان يرافقني بسيارته إلى مقر عملي ليطمئن أنني وصلت ؛ وحينها أبعث له من خلف نافذة سيارتي رسمة على شكل قلب، وأقول له هامسة : شكراً لك يا سنجام .. لقد شربنا الحب حتى النخاع وأيام العطلات كنا نذهب الى المناطق الممطرة نلهو ونلعب كالأطفال تماماً؛ بعض الأحيان أكون متضايقةً من العمل والمرضى ومعاكسة مرافقيهم، وغزلهم السَّمِج، وفجأة يتصل عبدالعزيز يقول : هل أحظى اليوم بشرف دعوتك للغداء في أي مطعم حبيبتي تختاره؟.

وساعتها أصرخ فرحاً في وجهه قائلة : أنت ساحر كيف تعلم أنني محتاجة لك الآن، وفي هذا الوقت بالذات؟.

وكان يضحك ويقول : حدس المحب … ولكنني كنت أشك أنه يراقبني أو على الأقل يعلم أخباري من أحد الأطباء، وطبيعي أن يكون له صديق طبيب؛ ربما لكي يريد أو يستفسر عني، والتفتت إلى صديقتها قائلة : تعلمين الرجال وغيرتهم.

وحينها أتي رجال البحث الجنائي لكي يشاهدوا الجثة، وهنا قالت النقيب “منى” لصديقتها : سنواصل حديثنا في المنزل لا تخبري أحدا أنك تعرفي صاحب الجثة .. أخشى قلبك الصغير لن يتحمل ما سوف تبديه الأيام والأحداث..

ونظرت “منى” إلى صديقتها في أسى وهي تقول في سرها : يبدو أن نار حبه لا زالت مشتعلة في جوفك أيتها المسكينة.

★★★★★★

أسئلة محيرة !!..

أثار وجود رجال الشرطة سكان هذا الحي الراقي، مما أثار فضول الكثير من الناس لمعرفة أسباب وجود الشرطة بهذه الكثافة، ومما جعل الإشاعات تنتشر وجود رجال التحريات، مما جعل المارة وأهل الحي يقولون : إن هناك شخصية مهمة قد حدث لها مكروه!، وقد كان من ضمن رجال التحريات النقيب “محمد”، وأيضاً النقيب “رحمة” التي ما أن رأت النقيب “منى” حتى سارعت في السلام عليها، وقد بادرتها النقيب منى بالسؤال قائلة : أنت هنا في مسقط ؟!.

فضحكت رحمة قائلة : نعم وفي عرين العميد “حمد”.

منى : يا إلهي نقلت من صور إلى مسقط؟! لماذا؟! .. ألا يوجد جرائم هناك؟! أم شدك الحنين والشوق إلى مسقط العامرة؟.

أمسكت رحمة بيد منى وهي تمازحها قائلة : نعم الحنين الى مسقط وأجوائها، ولكن أيضا لأكون بجوار والدتي المريضة، وأنت تعلمين، أن عملنا لا يتيح لنا الكثير من الوقت لكي نقضيه مع عائلتنا.

في هذه اللحظة طلب رجال مسرح الجريمة إخلاء المكان من المارة؛ لكي يتسنى لسيارة الإسعاف الدخول لإخراج الجثة .. وبعد أن أنهى رجال الإسعاف عملهم توجّه أحمد من رجال مسرح الجريمة قائلاً لرفاقه رجال التحريات..

أحمد : إن شاء الله التقرير سيكون غداً أو بعد غد على مكتب العميد حمد.

وبعد رحيلهم أخذ النقيب محمد ينظر بعين الخبير مكان تواجد الجثة، ويدور حول المكان؛ تارة ينظر يميناً، وتارة أخرى ينظر شمالاً، ولسان حاله يقول : لعلي أجد شيئاً ما قد استعصى على الفريق الجنائي أن يجدوه، وكانت “هدى” شاردة الذهن، لم تتفوه بكلمة فقط تنظر إلى مكان الجثة، وآثار الرجل الذي كان يملأ الدنيا عليها جمالاً وحبوراً،

حينها قطع عليها النقيب “محمد” شرودها الذهني؛ موجّهاً سؤالاً إلى النقيب “منى” قائلاً : هل لديك معلومات عن الرجل أم ننتظر حتى نطّلع على التقرير وبعدها نتحرك .. وكانت “منى” في عالم آخر؛ تنظر الى صديقتها التي أعماها الحزن، وخافت أن يلاحظ زملاؤها شيئاً ما .. فقالت وقد أمسكت بيد صديقتها : لا .. ننتظر ما يقوله العميد حمد، وبعدها نتحرك، لعله يكون له رأي اخر.

وكان السؤال الذي يدور في رأس النقيب “منى” بعد أن استأذنت من زملائها بأن توصل صديقتها فهي في حالة صدمة لاكتشافها جثة من بين الأشجار .. وطبعاً كان عذراً لكي ترجع صديقتها لمنزلها:

من الذي قتل رجلاً رائعاً بهذه الصفات الجميلة والرومانسية المفرطة؟!، إذا كان في الأمر جريمة قتل، وأكملت النقيب “منى” قائلة : وأنا طبعاً أميل إلى أنها جريمة قتل، كل أركان الجريمة متوفرة، وأمسكت قبضتها بقوة قائلة : إنها جريمة، وجريمة من الدرجة الأولى.

هناك سؤال آخر : لماذا لم يرم القاتل بالجثة في البحر مثلاً؟ 

لماذا قتل هذا الرجل ووضعه على قارعة الطريق، وكأنه يقول لرجال الشرطة : انظروا أنا قتلته، وعليكم أنتم أن تجدوني؟!.

أمر آخر يخطر في بالي : عند مشاهدتي للجثة لم ألاحظ آثار كدمات، وإن ملابسه سليمة تماماً لا يظهر عليه ولا على ملابسه آثار عراك أو دماء كأن الرجل نائم، أو أنه كان مستسلماً لقاتله.

وبعد أن أغلقت باب سيارتها، وهي تستعد للعودة إلى منزلها .. ذهبت إلى مكان الحادث، وهي تلتفت لعلها تجد ما يساعدها أو يحل بعضاً من الأسئلة التي لم تجد لها إجابة … ثم قالت وهي تضرب مقود السيارة بيدها : وكأن المقتول يعلم من قاتله.

مفردات الكلمات :

*سنجام وسنجاي : قصة من أساطير الهنود ذات طابع عاطفي، تشبه نوعاً ما قصة قيس وليلي، ولكن في هذه القصة الحبيب يموت عن حبيبته فتفضل أن تحرق معه فأصبحت عادة عن الهندوس حرق الزوجة وهي حية بعد موت زوجها، ولكن السلطات الهندية أبطلت هذه العادة السيئة.

*راس غليص : قصة من التراث الأردني؛ أنتج مسلسل عنها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى