بأقلام الكُتّابمقالات وآراء

أين التاريخ العُماني في مناهج التعليم يا وزارة التربية ؟؟!!..

حـمـد الـنـاصـري

 

أين التاريخ العُماني في مناهج التعليم يا وزارة التربية ؟؟!!..

 

تستخدم المجتمعات والحكومات المناهج التعليمية في بناء وتقويم وتطوير شخصية الفرد بأدوات فاعلة مع التأكيد على مفاهيم مهمة كالانتماء الوطني والارتباط التاريخي وترسيخ مَبادئ وقِيَم تأريخية ووطنية لدى الأجيال المتعاقبة وفقاً لفلسفة وثقافة كل دولة ومُعتقدها الفكري.

وهناك قول مأثور حول التعليم (العِلْم في الصِغَر كالنقش في الحجر) والمقصود بقاء وديمومة تأثير ما يَتعلمه المرء وخصوصا في مراحل التعلّم الأولى.

فالمناهج التعليمية تُعَبّر عن حاجة الفرد والمجتمع للمعرفة والمهارة التي ينتفع بها كليهما وعليه يَتّضح مدى الضرر الذي سيلحق بأيّ مجتمع جرّاء وجود خلل في التعليم الذي هو عماد المجتمع وكم سَتخسر الأجيال وفي مجالات كثيرة تشمل الاخلاق والقِيَم، والارتباط بجذور الوطن والانتماء له : بسبب ضَعف التركيز على تلك النواحي في التعليم. نظراً للطفرة التكنولوجية الهائلة التي تستحوذ على عقول وأمزجة الجيل الحالي والتدفق المعلوماتي الهائل الذي ترك الفرد في حيرة في اختيار المعلومة ناهيك عن اختيار مصدرها في عالم أصبح قرية صغيرة تُدار بزر واحد.

وبرأيي يجب الاستفادة القُصوى من التقدّم العلمي، وإدارة عجلة العِلم بما ينفع الناس ، والاستفادة من الطفرة التكنولوجية المُتسارعة دون أنْ نضيع هويتنا وتراثنا العريقين.. فهل يُعقل أنْ تغفل مناهجنا عن أسماء عُمانية وأحداث تركت آثاراً على التأريخ ككل ولكن صَداها لم يَصِل إلى آذان أجيالنا؟.

إننا نرى دولاً عُمرها لا يتجاوز القرنين أو ثلاثة ولكنْ مناهجها التعليمية مُتخمة بأسْماء وأحداث وأمجاد يَفتخرون بها، بلْ وحتى مَبانٍ عُمرها لا يزيد عن مائة أو مائتي سنة ويَعتبرونها آثاراً وتُراثاً عظيماً ، فكيف ببلادنا التي يمتد عمق تاريخها لآلاف السنين وفيها من الشواهد والرجالات ما يَملأ موسوعات وكتب بالفخر والمجد.

والحقيقة لقد شدّني خبراً أنّ وزارة التعليم بجمهورية كوريا الشمالية، اعتمدت مُقرراً دراسياً لطلاب الثانوية العامة “81 ساعة” عن حياة كيم جونغ رئيس كوريا الشمالية علماً أنه من الشخصيات المُثيرة للجدل والتي يُثار من حوله الكثير من علامات اسْتفهام.. فيما تمّ تصويره على أنه اسطورة لن تتكرر وأمْثلة من دول كثيرة نسبت لتأريخها شخصيات مهمة تعود لدول أخرى بل وتخترع أحداثاً خيالية لصناعة تأريخ خاص بها.

إنّ مِن المحزن والمؤلم أنّ مناهجنا التعليمية تكاد تخلو من ذكر سِيرة قادتنا وعُلمائنا الذين صَنعوا تاريخاً مجيداً ثرياً وأهدوا الانسانية إنجازات وعلوماً سَتبقى خالدة إلى الأبد كالعلامة الكبير الخليل بن أحمد الفراهيدي والإمام سيف بن سلطان والإمام ناصر بن مرشد والقائد البطل أحمد بن سعيد والإمام جابر بن زيد والصحابي مازن بن غضوبه والإمام الربيع بن حبيب والعلامة الربّاني سعيد بن خلفان الخليلي والإمام نورالدين السالمي، والرُبّان السفير أحمد بن النُعمان الكعبي والبحّار العظيم أحمد بن ماجد، والطبيب راشد بن عُميرة، وابن الذهبي، والشاعر أبو مسلم البهلاني الرواحي، والسُلطان قابوس بن سعيد وغيرهم مِئات من عمالقة تاريخنا العريق الذين لا يَسَع المجال لذكرهم في عُجالة مقالتي المُتواضعة، ناهيك عن نساء عُمانيات خلّدهن التاريخ ولم تُنصفهنّ مَناهجنا، كالشعثاء بنت جابر بن زيد والسيدة موزة بنت الإمام أحمد بن سعيد البوسعيدية وسالمة بنت علي الحجرية والشيخة شَمساء الخليلية .. وغيرهن اللواتي خلّدهن التاريخ العُماني الضارب في عُمق التاريخ سياسياً ومعرفياً ودينياً.

الخـلاصـة..

أناشد اساتذتنا مُعِدّي المناهج ومن قبلهم المسؤولين في وزارة التربية والتعليم، أنْ يبحثوا في تاريخنا عن صِلات وجذور من أحداث وشخصيات تكون قدوة ومَثل أعلى لأبنائنا وبناتنا لكي نخلق أجيالاً يعتمد عليهم الوطن في إعْلاء بُنيانه وتطوره ولنسمو بإسم عُمان في أعلى المراتب التاريخية والحضارية.

وأُشَدّد على حضور الشخصيات العظيمة في مناهجنا بكل مُستوياتها وفي أعلامنا، ذلك لأجل قراءة التاريخ العُماني العظيم بالطريقة التي يستحقها ولكي لا ندع المجال للمغرضين لقراءة ذلك التاريخ بطريقة مُشوّهة، بل أنّ البعض قام بسلخ صفحات من تأريخنا وإعادة لَصْقها ونسبها إلى كتب تاريخهم .. فالتاريخ يُصْنع بالعَرق والدّماء ولا يأتي بالتزوير والاستنساخ!!! وهو سِيرة وتُراث الاُمم وجُهد أبنائها وتضحياتهم على مرّ الأزمنة والأيام.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى