بأقلام الكُتّابمقالات وآراء

فن الدبلوماسية .. إتيكيت المرأة العربية في الأنشطة الرسمية..

الدكتـور/ سعـدون بن حسـين الحمـداني

دبلـوماسـي سابـق – أكاديمـي

 

فن الدبلوماسية .. إتيكيت المرأة العربية في الأنشطة الرسمية..

 

الكثير يتساءل عن  مفاهيم (البروتوكول والإتيكيت) وما تأثيرها على كاريزما المواطن العادي أو كبار الشخصيات، لذلك من الضروري التعرف ولو بصورة مختصرة على هذه المفاهيم التي تمس شخصية الإنسان أينما كان ومهما كان منصبه؛ البروتوكول هو حزمة من القواعد والإجراءات وقواعد الأسبقية التي يجب مراعاتها، أما الإتيكيت هو حسن التصرف بمنتهى اللياقة مع الأخرين، وإذا كان البروتوكول يختص بالعموميات فإن الإتيكيت يختص بالتفاصيل الدقيقة الاجتماعية الشخصية منها أو الشخصية العائلية، بالإضافة إلى أنه هو السلوك المهذب الذي يتفاخر بها كثير من الطبقات الأرستقراطية والغنية، بالإضافة إلى كثير من شرائح المجتمع، كما أن المدارس الدبلوماسية الغربية تعتمد كثيراً على مفاهيم ونظريات لغة الجسدBody Language للمرأة في اللقاءات الرسمية أو الشخصية لتعكس شخصيتها.

الشائع بأن المرأة هي نصف المجتمع، ولكن الحقيقة بأن هذا العالم لا يساوي شيئاً إلا بوجودها، لذلك فإن الله سبحانه وتعالى لم يبقِ على خلق آدم وحده في هذا الكون، وإنما خلق حواء ليكمل حياة البشرية وتكون المرأة هي أيقونة الحياة البشرية.

نلاحظ أن المدرسة الإسلامية ورسولنا الكريم أعطى أرقى الأمثلة للعالم أجمع ووضع كل القواعد السامية والرصينة التي حافظت على المكانة المحترمة والسامية للمرأة في كل شؤون الحياة وجعلها الجوهرة التي لا ينطفئ ضياؤها لأهمية المرأة في شأن رقي المجتمعات بَدْءًا من العائلة الصغيرة وصولًا إلى بناء المجتمعات الكبيرة، حتى كرمها الله سبحانه وتعالى بسورة خاصة بها في القرآن الكريم ألا وهي سورة النساء.

إن الأنشطة والفعاليات الرسمية هي صراحة تعكس سمعة ورصانة وثقافة الجهة التي ارسلتها سواء كدولة / وزارة / سفارة / قطاع مختلط / خاص وغيرها، وبالتالي على المرأة أن تكون قدر المسؤولية والمنصب الذي سوف تمثله، وتبتعد عن الأنانية الشخصية والتكبر والغرور والتذمر النفسي والمبالغة في التعامل، حيث أنها  تمثل دولة ولا تمثل حياتها الشخصية وهذا ما لمسناه في ليلة عُمانية في ختام المؤتمر الدولي للصحفيين (الكونجرس 31)؛ حيث كانت جمعية المرأة العمانية في غاية الرقي الوطني، وكانت المرأة العمانية جوهرة ختام المؤتمر، وكما يقال ختامها مسك فعلاً؛ حيث جسّدت المرأة العمانية أعمالها وشخصيتها في الفنون التشكيلية والأعمال اليدوية والأزياء التراثية العصرية غاية في الحداثة وحسن الترتيب، بالإضافة إلى حسن الاستقبال وتوزيع الورود من لحظة الدخول، وكان التواضع والابتسامة والترحيب الأصيل عنوان الختام من قبلهم؛ حيث عكسن صورة مشَرفة للمرأة العمانية العصرية، وهو المعروف عنها.

تتنوع الأنشطة الرسمية بين النهارية والليلية، وهي تختلف إستناداً إلى نوع النشاط؛ مثال ذلك : توقيع اتفاقيات ، استقبال رسمي ، جولة حرة ، زيارات ميدانية ، حضور محاضرات أو دورات تدريبية ، وفد رسمي خارج البلد ، حضور مناسبات وطنية صباحية أو ليلية ، حضور مناسبات وطنية للسفارات ، حضور تعازي أو أفراح السفارات ، منصب جديد ، رعاية حفل وغيرها.

وعليه سوف نتطرق في هذا المقال الى بعض المواضيع الرئيسية التي تخص إتيكيت المرأة العربية في الأنشطة الرسمية وانعكاسها بالمجتمع، خاصة هناك أمور كثيرة تمس لقاءات المرأة العربية أهمها : اختيار ألوان وأماكن وزمان الملابس (صباحية أو مسائية)/ العطور وأنواعها وأوقاتها/ المكياج/ الإكسسوارات/ الثقافة والشهادات والخبرات التي لديها/ لباقة اللسان ومفردات الكلام/ وأخيراً لغة الجسد من حركة العينين واليدين التي تؤثر في اللقاءات الرسمية وغيرها، كما يعتبر الجلوس للمرأة في المحافل الدولية أو في الدوام الرسمي أو حتى عند الأقارب والعائلة من المواضيع التي يعكس أدبها وتربيتها الإسلامية والعربية الأصيلة، حتى وأن كان الجلوس للنساء فقط.

لذلك من الواجب الانتباه الى ما يلي :

لا تبعدين الأفخاذ عن بعضها كثيراً ولا تجعلين الأقدام تنحرف الى الخارج/ لا تلفين السيقان على بعضها كما تلتف الأفعى حول الشجرة/ يجب أن يكون الظهر بزاوية قائمة 90 درجة عند الجلوس باللقاءات الرسمية وبنص مقعد الكرسي والأقدام متقاربة بعضها البعض/ لا تقدمي الأقدام إلى الأمام كثيراً وإنما أن تكون متوازية مع نهاية الكرسي بمسافة 10 سم/ يجب أن تكون اليدين مشدودة إلى الجسم فقط/ لا تحنين ظهرك إلى الأمام كأنك في حالة التهيُّؤ للنهوض/ اختيار ووضع العطور الهادئة في الأنشطة الرسمية والاجتماعية الصباحية والابتعاد عن العود الزيتي حتى في اللقاءات المسائية/ الابتعاد عن لبس الذهب أو الإكسسوارات المبالغ فيها/ اهتمي كثيراَ بجمال وجهك بالاعتماد على نوع البشرة وشكل الوجه والعينين، وغالباً ما يكون المكياج الصباحي هادئاً جداَ بعيداَ عن الأصباغ والابتذال فيه/  تهذيب لباقة اللسان ونبرة الصوت أن تكون في غاية الهدوء/ الصمت يزيد من هيبة المرأة وأن يكون كلامها عندما يطلب منها أو تستأذن للكلام أو المداخلة/ لا تنقلين مشاكل البيت الى باحة وساحة عملك / تجبني أحراج الآخرين بالسؤال خارج نطاق الجلسة / امتنعي عن مضغ العلكة أمام الآخرين/ دائماً استخدمي كلمات الشكر والاستئذان وأيضاً “لو سمحت” أو “ممكن من فضلك”؛ لأن فيها دلالات كبيرة على حسن التربية/ احرصي على البساطة في مظهرك العام لأنه دلالة التمكّن وحب التواضع في الحياة.

وفي الختام على المرأة العربية الإسلامية قدر الإمكان الالتزام بالحشمة والتواضع والابتعاد عن التباهي بما تملكه من جمال ومال، والحجاب ليس بالملابس فقط وإنما حجاب اللسان والقلب والروح، والعمل بكل إخلاص وجدية، والتقرب إلى عامة الناس بحسن النية لغرض الاستفادة والإفادة في الوقت نفسه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى