بأقلام الكُتّابمقالات وآراء

كل شيء يبدأ مع القراءة..

عـيـسى بن عـلي الغـساني

محامي ومستـشار قانوني

 

كل شيء يبدأ مع القراءة..

 

هذا المقال مقتطفات من مؤلف المفكر الفرنسي روجيه جارودي في كتابة صناعة المستقبل ص 170؛ يقول جارودي كل شيء يبدأ مع القراءة ؛ أن تتعلم القراءة ،فهذا لا يعني فقط أن تتذكر أو أن تتهجي الكلمات ، وانما تتعلم كيف تفسر الواقع ،أي تدرك أن الكلمات لا تكشف ، وإنما على العكس تخفي أن الطلاب الأميين في بداية المرحلة الثانوية ليسوا أميين لانهم لا يعرفون كيف يفهمون أو يلخصون نصا ويستطيعون فك حروفه وحسب ،هم أميون لأنهم يعجزون عن فك شفرة الكلمات التقليدية والفطنة الى التناقضات والفخاخ التي تكمن خلف النص . أن تعرف القراءة لا يعني أن تترجم شفاهيا العلامات المكتوبة في جريدة أو كتاب ما ، وانما تجيد قراءة الواقع وفك كلمات شراك الكلمات ،أن تتبصر العالم وتصدعاته لتغييره إيجاباً.

ويقول جارودي أن التعليم هو حوار بين المتعلم والمدرس ودور المدرس هو أن يفصل بين الكلمة ومعناها لكل طالب او متعلم ،مثال كلمة مسكن ،ماذا تعني لكل من يقرءها ، هنا تتراوح المعاني بين البيئة التي أتى منها المتعلم إبن القرية والمدينة وابن البادية ، وبين ماهي محفزاتها الإنسانية نحو انسان ومجتمع افضل، وبمعني اخر ماهي الحقيقة الاجتماعية والإنسانية التي يحيلنا اليها اللفظ وهل يقبل عقل الانسان وروحة ،انسان يعيش في العراء.

وهنا يحدث الخروج من مقام التجريد الفكري إلى مقام تهيئة العقل ليكون انسانا ، وبذلك يتسامى الانسان عن الصراع المزيف حول مفهوم وجذور العنصرية الهمجية والتي تصنف البشر الى جماعات ومن هو خارج مجموعة ليس انسانا ،عندما تولد في مكان فهذا لا يعتمد على رغبة الفرد ويجب أن لا يكون أساسا للحقوق وانما الانسان بصفته انسانا هو مصدر الحق كما أراده الحق.

أن الرابطة الإنسانية الوحيدة حقا ،لجماعة إنسانية ،تتمثل في اشتراك هذه الجماعة في مشروع عام ،وتعاونها على تحقيق هذا الهدف ،بوصفة مشروعا مشتركا للإنسانية كلها كوحدة كلية ،وهكذا يساهم كل شعب من خلال ثقافته الاصلية في أنسنة الانسان ونموه وتقدمه، ومحاربة الفردية المتوحشة والهدامة التي شكلت مجتمع الغرب، والتي عصفت بعقل الإنسان وروحه نحو صراع لا أخلاقي وعنيف ، وبدأت تحدث شروخا تكبر وتتسع وتدفع المجتمع بالانحدار الى عصور الجهل والتوحش.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى