إلّا رسـول الله يا مـودي!!..
حـمـد الـنـاصـري
إلّا رسـول الله يا مـودي!!..
دأب الإنسان منذ فجر الخليقة على البحث عن ارتباط روحي و وجد البعض ضالتهم في عبادة الأصنام والشمس والنجوم والحيوانات وغيرها؛ منحرفين عن مِلَّة أبينا آدم عليه السلام بعد أن انتشروا في أصقاع الأرض، وظهرت في الشرق الأدنى والأقصى ديانات اعتمدت الوثنية كالبوذية والهندوسية وغيرها؛ رغم أن أعمار تلك الديانات ليست بعراقة الأديان السماوية كالنصرانية واليهودية والإبراهيمية وغيرها إلا أنها وجدت أتباعا بأعداد كبيرة لاعتمادها على الكهانة والسحر وشعائر وطقوس ما أنزل الله بها من سلطان فمنها من أصبح يقدس الحيوانات ومنها من يقدس الأعضاء البشرية بل وصل الحال ببعض تلك الديانات بتقديس الجن والشياطين.
وأسوق هذه المقدمة لأُبيِّن الفارق بين ديننا الحنيف الإسلام وبقية الأديان من نواحي إنسانية وعلمية وشعائرية وحتى السياسية.
فالإسلام عندما وصل إلى أقاصي الأرض سواء بجيوش المسلمين أو بحملة الراية من العلماء والدعاة وغيرهم؛ كانت أول أفعالهم إبقاء الديانات السابقة وإعطائهم مطلق الحرية في اعتناق الإسلام أو البقاء على دياناتهم؛ لذا نجد أن معالم ومعابد وكنائس تلك الديانات بقيت على حالها ولم يمسها أحد، وحافظ أتباع تلك الديانات على طقوسهم وأقاموها بكل حرية، ولا يتم معاقبة المدنيّين والأطفال والنساء أو قتلهم عكس ما قام ويقوم به الغزاة من كل الديانات الأخرى؛ اللذين يبادرون إلى محو الهوية الإسلامية، وتدمير المساجد عند دخولهم لأي مدينة إسلامية، ويعيثون في الأرض فساداً وقتلاً وترويعاً.
والمسلمون يقدسون رموزهم ومساجدهم وتراثهم، ولكن دون ان يمسوا مقدسات الآخرين؛ رغم أن الإسلام يُدين ويُكَفِّر من يعبد غير الله أو من يشرك به.
ومن أقدس أقداس المسلمين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، والقرآن الكريم، والبيت الحرام، وهي خطوط محفورة في قلوب ونفوس كل مسلم، وتجاوزها يعتبر مساس بكينونة المسلم لا يجوز تجاوزه أبداً، ولذا نجد مجموعة من أعداء الإسلام يسارعون في مهاجمة تلك الرموز والانتقاص منها؛ ظناً منهم -ويا لبؤسهم- أن المسلم سيتنازل عن دينه كلما تعرضوا لرموزه وازدادوا ضراوة في هجماتهم تلك، وكأنهم لم يقرؤوا تاريخ المسلمين وعنادهم وتعلقهم بدينهم ورموزه؛ حتى وإن كان الخيار الآخر هو التضحية بالنفس والمال.
وقد حكم المسلمون الهند لـ 800 سنة تنعّم الهنود على اختلاف دياناتهم وثقافاتهم خلالها بالأمن والعدل والمساواة، وأصبحت الهند وقتها درّة العالم في التجارة والحضارة والعلوم،
وبعدها جاء الاحتلال الانكليزي وحكم الهند لــ 100 سنة؛ عاثوا خلالها في الأرض فساداً وتدميراً، ونشروا التخلف والجهل والعنصرية والطائفية، وارتكبوا مجازر بشعة بحق أهلها، وأودت بحياة 4 ملايين هندي غالبيتهم من المسلمين، ونهبوا خيراتها عبر شركتهم (الهند الشرقية) فتسببوا بــ 13 مجاعة أودت بحياة 15 مليون هندي غالبيتهم من النساء والأطفال، وأشعلوا الفتن بين أهلها وتسببوا في مقتل الملايين من عرقيات الهند المختلفة.
يقول المؤرخ الهندي كيشوري ساران لال “هندوسي الديانة” : (إن الفرق بين الاحتلال المغولي الإسلامي للهند والاحتلال البريطاني كان مثل الفرق بين الجنة والنار، في حين اهتم المسلمون بالرقي بالهند في العلوم والعمارة والتجارة، وجعلوا الهند أغنى بلاد الدنيا، لم يهتم الانجليز إلاّ بنهب خيرات الهند، واستعباد شعبها وتسببوا في موت الملايين من أبنائها في حروب بريطانيا العظمى الاستعمارية).
وأنا أقرأ عبر وسائل التواصل الاجتماعي ما انتشر من ردود أفعال حول تغريدة نشرها المتحدث باسم حزب بهاراتيا جاناتا الهندوسي المتطرف الحاكم في الهند الذي يتزعمه رئيس الوزراء ناريندرا مودي.
حيث غرد ذلك المتحدث والأوْلى أن أقول : نهق على حسابه الرسمي على تويتر مستنكرا زواج النبي محمد صلى الله عليه وسلم من السيدة عائشة وهي لم تبلغ حينها عشر سنوات. وتسائل ذلك المخلوق : لماذا لا يعتبر هذا اغتصاب ؟؟،
وأرد عليه أنك انت الخبير بالاغتصاب، أنت وعصاباتك الإرهابية التي تُرَوِّع المسلمين وتغتصب الأطفال والنساء وتهدم المساجد، أما الزواج قبل 1400 سنة فقد كان له شروطه، وكان في كل الديانات زواج بأعمار مختلفة؛ هذا إن افترضنا صحة قول ذلك المتحدث.
وقد أثار ذلك التطاول ردود فعل غاضبة في وسائل التواصل في العالم العربي والإسلامي خصوصاً في مصر والسعودية وسلطنة عُمان وبقية الدول الاسلامية .. واعتبر المسلمون ما قاله المسؤول الهندي تجاوزاً للخطوط الحمراء، ووقاحةً وصلفاً غير معهودين؛ خصوصاً من دولة ربع سكانها من المسلمين وتدَّعي أنها دولة ديمقراطية !!.
وقد بادر سماحة مفتي السلطنة الشيخ أحمد الخليلي عبر حسابه بالرد البليغ والشافي على تلك التخرُّصات الوقحة؛ نشرته عمان نيوز (إن الاجتراء الوقح البذيء من الناطق الرسمي باسم الحزب المُتطرف الحاكم في الهند على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى زوجه الطاهرة أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها؛ هو حرب على كل مسلم في مشارق الأرض ومغاربها، وهو أمر يستدعي أن يقوم المسلمون كلهم قومة واحدة …) كان ذلك عبر وسم : إلّا رسول الله يا مودي.
إضافة، إلى أنه تمّ استدعاء السفير الهندي في الكويت وقطر وايران َتسليمه مذكرات احتجاج رسمية وبيان المؤتمر الإسلامي وكان ردّ فعل الحزب المُتطرف بتعليق عمل المُتحدث، وأيضا كان ردّ فِعْل الحكومة الهندية بيان يُؤكد على إلتزام الهند بحقوق كل الديانات، ولم يكن ضِمنه اعتذار للمُسلمين.
لقد تقيأ ذلك المتطرف كلامه القذر أمام العالم كله ولم يخجل لا من دول إسلامية (صديقة)، ولا من منظمات حقوق إنسان ولا من دول عظمى وكبرى تعتبر نفسها حامية لحقوق الإنسان والفكر الإنساني حيث لم يرد عليه أحد من كل تلك الدول.
كلمة أخيرة..
اذا كانت الدول والحكومات تخجل من قول الحق في وجه هؤلاء الإمَّعات والعنصريّين؛ فإن الشعوب الإسلامية لن تسكت، ولن تنسى تلك المواقف، ولّرد الشيخ الخليلي هو البلاغ المبين الذي يجب ان يفهمه مودي وأمثاله، وإن الشعوب هي صاحبة القرار النهائي، ومودي وأشباهه سيذهبون، وتبقى البشرية، ويبقى الإسلام رغم أنوف الظالمين.
أختم كلمتي .. بما قاله الداعية الفلسطيني “جهاد حلّس” عبر تغريدته : “والله لو غضب 2 مليار مسلم لرسولهم ﷺ غضبة رجل واحد، لما تجرأ أحد على رسول الله، ولا على دين الله، ولكنه الذل والهوان”!!..