بأقلام الكُتّابمقالات وآراء

التصالح مع الذات ومع المجتمع..

حبيـب بن مبارك الحبـسي

 

التصالح مع الذات ومع المجتمع..

 

من أصعب التعاملات في حياتنا  تعاملنا مع الأشخاص الغير متصالحين مع ذاتهم ومجتمعهم لأنهم يحملون أفكارا تصادمية أنانية لا تغير من مسيرة حياتهم على أرض الواقع يرون الصورة السوداء في كل شيء وبالتالي فمن الصعب يألفون ويؤلفون فترى الناس ينفضوا من حولهم لأن ديدنهم تكرار أفكار ، ما يحلمون بها فهم يقبعون في مملكتها  ،  وتجدهم دائما متذمرين من كل شيء ربما  قد مروا بأفكار ما زالت تنسج في مخيلتهم أو يتوهمون  انهم على صواب وباقي من  يتعاملون معهم على عكس ذلك  يعيشون على فكر الماضي والموقف المتخزن في العقل الباطني فهم يتخيلون بصحوة بطل وهمي وأنهم يقضون الوقت في  إصلاح ما افسده الدهر ولكنهم لا يحركون قيد أنمله هؤلاء لديهم هواجس تشغلهم وما يعتقدونه لا بد أن يتجاوب معه من يتعاملون معهم ولهذا فهم في تناقض وغير متوافقين مع ذواتهم ومع مجتمعهم.

لا بد أن تدرك أن للبشر اطباعها وطرقها ولدى كل منها أفكاره ومبادئه وبالتالي من غير المعقول تقود الناس على ما تريد لأن كل فرد منا له  ثقافته وفهمه ومبادئه بالحياة ولا غرابة في الأمر أن  يظهرون في المواقف كلا حسب تقديره للموقف ونظرته أما الغير متصالحون يجسدون ذلك في تصرفاتهم التي بعضها تصدر من شخص وصل لمستوى من درجات العلم لكنه يحمل مستوى غير لائق في نظرته للأفراد والحياة يجعلك في محطة الاستغراب  منه ويجعلك تطرح تساؤلات كثيرة ، لأننا قد لا نتوقع ردود الفعل منه بهذا الأسلوب أو ذلك التصرف  لتتفاجأ منه بإسقاطات تحمل الهرج بين فئات المجتمع وتعاب عليه ولهذا فأمثال هؤلاء معدودي الأصحاب.

علينا أن ندرك أن في سلوكيات البعض مرايا تعكس الجميل والقبح ، أما الغير متصالحون مع انفسهم لا يرون ذلك فهم يعيش في بوتقة أفكارهم ، والتي يخيل إليه أنها الطريقة المُثْلى التي  يجب أن يكون عليها في حياته  ويسعى إلى بث أفكاره التي لن تجد صدأ بين من يرتبط به قرابة أو صحبة  وبالتالي  تتوقع منه أن يثرثر بين الأخرين أن المجتمع غارق في أفكار تختلف عنه وأنهم غير مثقفين  وهكذا سيعيشون بلا هدف  وتغيير ويمر بهم العمر بلا تحقيق لغاياتهم وربما تمتلئ قلوبهم حقدا.

هذا التظليل الذي يتاجرون به  يسلب منهم تكيفهم ومشاركتهم مع الآخرين بأفكارهم المنفرة ، أمثال هؤلاء  لا بد أن يدركوا أن حياة الأفراد قائمة على أفكار شخصية حرة ومتجددة  فلا يحق لأحد أن يقولب الناس بما يريد ،  قد نحب أشياء لكنها  لا تعجب الآخرين  ولماذا نجعل من ذلك مشكلة  وقد تكره أشياء بالنسبة لك منطقة الراحة  ونتجنب  أشياء  فأين الخلاف  وقد لا يروق لك  الوان معينه في نظر الآخرين هي جملة ما يحبون فلماذا نجعل من ذلك تعكير صفوة الحياة مع الآخرين  ولهذا الاختلاف في الأفكار والطبائع أمر طبيعي ما علينا إلا احترام مشاعر الناس وترك ما يفكرون به ويتعاملون باعتباره شيء ذاتي خاص بهم بثقافتهم واسلوبهم ، المطلوب منك نشر الدين وليس مراقبة الناس ، هذه المنهجية يجب أن يؤمن بها أصحاب هذا الإتجاه.

غير المتصالح تجده في صراع مع أفكار يراها متناقضة في المجتمع وهذا شأنه وإن جلست معه اشبه بنافخ الكير ، لا يؤمن بآراء واتجاهات الآخرين لديه زاويه يرى من خلالها  ولا ينظر إلى رؤى الآخرين الذين يفوقونه عمرا و احتراما وتقديرا للإنسانية الطرف الآخر، ولا يتورع عن انتهاك سير كل فرد يختلف معه.

أمثال هؤلاء تائهون ينثرون هالة من الوهم ، حولهم طبعهم يثرثرون وينتقدون وينسجون الوانا من القصص الغير واقعية عن معارف هم يختارونها  عن من رحلوا  عن هذه الدنيا وهم بريئون منها والتي تمجد أدوارهم ، ربما حقيقة الأمر عكس ذلك.

قد لا تجد مع هذا الإنسان الأريحية التي تعينك على بث روح الأمل ستنظر للحياة باسوداد وتنظر لكل البشر كأنهم أعداء لأنه يعمل على اثارة مواضيع للفت الانتباه ومستهجنة، لهذا فمنطقة الأمان هي تركهم يخوضون فيما يرونه ويعتقدون به.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى