السيب الغائب الذي عاد بقوّة..
حـمـد الـنـاصــري
السيب الغائب الذي عاد بقوّة..
امتلأت مدرجات مجمع السلطان قابوس الرياضي ببوشر بمشجعي الفريقين المتنافسين على الكأس الغالية، فوقف جمهور الرستاق الوفي لنادي مدينته العريقة بشموخ الجبال الشمّاء والتاريخ السحيق لتلك المدينة الجميلة . وفي المقابل كان ذلك البحر من الجماهير السيباوية المتحمسة لناديها الذي طال غيابه عن البطولات وحضر بقوة ليقول إن نادي السيب كالعنقاء التي لا تموت وتنهض من بين الرماد أقوى فكان الحضور السيباوي البهي الذي زاد المباراة ألقا وجمالا ، وكانت للمناسبة تخطيط وإعداد باذخ وكبير دليل على أهمية وعشق الجماهير العمانية لتلك الكأس الغالية يضاف إلى ذلك استحقاق تلك المناسبة الـ 50 عاماً كاستحقاق حافل بذكريات سنين طويلة، ذكريات نادي السيب ظلّت تراوح مكانها في 25 عاما لم تكن خصبة للسيباوي، ولم تكن طيّعة للأصفر مطلقا، لكنه في كل مرة كان يعود بعناد السيباوي ليُؤكد العزم على الإنجاز والإصرار على تحقيق الفرحة فلم تخر عزيمته ولم تهن قوته في طلب الانجاز رغم العثرات والكبوات، وجاء اليوم الذي أثبت لتاريخه بأن عزمه قد أثمر وأينع بوصوله إلي منصة التتويج الكروي.
نعم، بعد تلك السنين تحقق الحلم بالجهد والعرق وحتى الحظ لم يحالف الا المجتهدين ليتحقق فوز رابعا للسيب بكأس السلطان الغالية في المباراة الحاسمة التي جمعته بفريق الرستاق الكبير في المجمع الرياضي الذي جاء بطموح الحضور الأول والإنجاز التاريخي لأول مرة في تاريخه، فالصخرة الرستاقية، لم تكن سهلة ولم تكن لقمة سائغة للأصفر بل كانت نداً للبحر السيباوي الهادر.
شهدت المباراة النهائية حضورا جماهيرية كبيرا ملفتاً لم نعتد عليه في نهائيات الكأس الغالية في السنوات الأخيرة .. فهدفي الأصفر الذهبي في نهايات الشوط الثاني لم يأتيان بسهولة ولم يتمكن السيب من فك شفرة الصخرة الدفاعية الرستاقية إلا والمباراة تلفظ أنفاسها الأخيرة وكانت معركة عض الأيدي ومن يصرخ أولا هو الخاسر ومن يطاول ويصبر يفوز مما جعل بعض لاعبي الفريقين يخرجون عن طورهم الأخلاقي ، ولكن محسن الغساني لاعب الأصفر السيباوي كان له رأيا آخر ورفض أن تنتهي المباراة بركلات الترجيح وبقي يتابع ويترقب كالصقر حتى أتت الفرصة المدوية التي استغلها ليعلنها في الدقيقة الـ 87 أن النتيجة تتحقق بالإصرار وعدم الاستسلام وان الحظ حليف المجتهدين وأن عيون الأصفر لن تدمع هذه المرة حسرة بل فرحا، وفي الوقت بدل الضائع من عُمر المباراة النهائية (الشوط الثاني)، انقض أمجد الحارثي بهدفه الثاني لينهي آمال الرستاقيّين ويعلن فوز السيب مدوّياً فكان هدفه الذهبي دقيقا بالتوقيت وصاعقا بالتأثير، كرس التفوّق السيباوي وأعلن الاستحقاق البطولي انتصاراً وفرحاً.
وظهرت خلال المباراة لمحات جميلة للفريقين جعلت القلوب ترتجف والحناجر تلتهب فنادي الرستاق بعراقته وعمق المدينة التاريخي الكبير لم يتمكن من تحقيق الزحف المسيطر بقوة دفاعاته وتألق نجومه من استغلال الفرص التي واتت لاعبيه ففي الدقيقة الـ 12، مثلاً سدّد المهاجم المُتميز محمد الغافري قذيفة كروية لكنها ضلّت طريقها، فلا المسافة القريبة شفعت للعنابي، ولا تمريرة ياسين الشيادي زرعت الابتسامة على وجوه جماهير الرستاق، ولم يستطع عبس الهشامي بكرته العرضية المرتدة بالخطأ من لعبة أرشد العلوي لاعب السيب لتصطدم بالقائم السيباوي التي أبتْ بأنفة أصفر الذهب إلا أن تحمي عرين السيب الذي بقي عصيّاً حتى النهاية!!.
وأخيراً نقول إن المباراة أفرزت مواهب جديدة سيكون لها شأن كبير لو تم توجيه قدراتها بالشكل الصحيح كاللاعب المتميز عمّار الرشيدي القادم من جبال الرستاق الأبية وفي كل الأحوال كل المواهب تحتاج الى صقل وتشذيب؛ فشكرا لمن ساهم وبذل وسعى لتهيئة احتفال رائع بهذا المستوى الرائع، وأعدّ الفريقين بحجمها وادائهما الكبيرين برغم الظروف والتحديات التي تواجه الرياضة في محيطتا العربي الكبير.
شكراً لتلك القاعدة الجماهيرية العريضة التي كانت نجم المناسبة بلا منازع وساهمت في خلق زخم اعلامي كبير لكلا الفريقين، فخرجت لنا المباراة بوجه حضاري وراقي يليق بالحدث الكروي وعكست سلوك رياضي عماني حقيقي ، تفوق حتى على تطلعات الشارع الرياضي ، فالوصول إلى النهائي للكأس الغالية لا خاسر فيها بل هو تشريف وثقة وتطلعات لقادم أجمل بإذن الله.
وأخيراً وليس آخراً أقول شكراً لشبكة الإعلام العماني التي أخرجت لنا مباراة عالية في التنظيم والإخراج.