وطـنـي العـزيـز .. أمّـا بعـد ..
يـوسـف البـادي
فنان تشـكيلـي وكاتـب
وطـنـي العـزيـز .. أمّـا بعـد ..
وطني العزيز ..
أتراك تسمعني ؟ وأنا ذرة تراب صغيرة ؟! ..
لمن اشتكي ؟ ، وأنت أكثر وأجمل من أحب..
تعبت … وقد تراجعت للضعف ، حين لم أجدني مكاني قوية ، وحين وجدت سقياي عجاف ، كأن قطر الماء يخاصمني ، وإن جاءتني قطرات .. جاءت مثقلة بالنذر أنها قد لا تأتي غداً !!.. إنها تُلْمِح لي بأني لم أعد مرحباً بي في أرضك !!.. وأن إنتاج المكان الذي أشغله بات شحيحاً !!..
ويحهم يا وطني !!.. أتراهم نسوا في الماضي عطائي ؟!.. أمَزَّقوها صفحة بدايتي في أرضك ؟.. كنت أُعطي بلا مقابل ، لم أطلب مزيداً من إضافة لتقوية مُكَوَّني ، لينمو الزرع من فوقي أكثر ، أعطيت كل أنواع التغذية ، حتى وإن طلبت عروق النخل مزيداً مضاعفاً أعطيتها.
لم تعد النخلة ايضاً تأتي بفسائل جديدة ، أصبحت هي أيضاً تخاف الأيام الثقال عليها ، تخاف على جذعها أن ينحني ، فتنحني للأبد ، فكيف وهي لم تعتد على الانحناء ؟!!..
باتت تنظر السحاب أن يأتي ، بضع قطرات يا سحاب .. هكذا تناديه ..
كأنها تحاول الهمس في سمعه ، تخجل أن نسمع ضعف ترجّيها.
* * * * *
هل أخبرك سعف النخيل أني لم أعد أقوى على حمله .. باتت ذرات التراب تتفكك عن بعضها ، و لهذا نخاف على موت النخل ونحن نزداد ضعفاً يوماً تلو اليوم.
أخاف أن ينقلني جرف من السيل بعيداً عنك ، أو رياح عاتية تجبرني على الرحيل .. أكره الرحيل عنك ، لا أريده ، ولا أطيقه ، أخاف أن تسألني أماكن أذهب إليها فأخبرهم أني كنت مجبرة.
أتراك ستمنعني من الرحيل ؟ ..
أنا ذرة من ترابك .. هل ستقوى على وداعي ؟ على فراقي ؟.
هل ستودعني ؟ .. أم سأذهب بلا وداع ؟ .. ربما ستخاف أن أرى دمعك ؟ ..
أم ستودعني إن أزف الرحيل مجبرة ؟ .. لا أراك !! .. بت لا أرى كل شيء كما يجب أن أرى ، أشعر بالخوف يا وطني.
* محبتك المخلصة / ذرّة تـراب.