بأقلام الكُتّابمقالات وآراء

( أوبار ) العُـمانية .. أهي مدينة قوم عاد ؟؟..

أحـمـد صـالـح حـلـبـي

باحـث وكاتـب سـعـودي

 

( أوبار ) العُـمانية .. أهي مدينة قوم عاد ؟؟..

 

شدتني مجموعة تقارير تلفزيونية بثتها قناة FRANCE 24 Arabic أوائل عام 2017 ، بعنوان (أسرار عُمان) ، تحدثت فيها معدة البرنامج ومقدمته الزميلة تاتيانا الخوري ، عن الكثير من الأسرار التي تختزنها سلطنة عُمان ، وكان تقرير (مواقع تاريخية تسكنها الأساطير الشعبية) ، من أكثر التقارير جذبا لما احتواه من معلومات عن مدينة (أوبار) أو ما تسمى بمدينة إرم ذات العماد ، التي قال الحق تبارك وتعالى عنها في القرآن الكريم : {أَلَمۡ تَرَ كَيۡفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ (6) إِرَمَ ذَاتِ ٱلۡعِمَادِ (7) ٱلَّتِي لَمۡ يُخۡلَقۡ مِثۡلُهَا فِي ٱلۡبِلادِ (8) وَثَمُودَ ٱلَّذِينَ جَابُواْ ٱلصَّخۡرَ بِٱلۡوَادِ}.

واستغرقت عملية بناء مدينة (أوبار) كما يقال “ما يقرب من 300 سنة ، وبناها شداد بن عاد أحد أشهر ملوك قوم عاد ، وارتبط اسمه بها وعاش 500 عام ، وقال آخرون إنه عاش 900 عام ، وتتميز بمبانيها الشاهقة وقصورها الرائعة الجمال وأرضها الخصبة الخضراء ، وقيل إنها اشتملت على أنهار جارية وعذبة، كما أنها كانت مركزاً للتجارة في شبه الجزيرة العربية، خاصة تلك المتعلقة بالتوابل والزيوت ، ويؤكد الكثيرون أن ما أورده التاريخ في وصف تلك المدينة لا يساوي شيئاً عند أوصافها الحقيقية من روعة وعظمة كل ما فيها من مبانٍ وإنشاءات ومظاهر الطبيعة” ، واختفت مدينة (أوبار) بعد أن أرسل الله عليها عذابه ففُقِدَت ولازالت مفقودة حتى الآن ، لكنها ظلت هدفاً للباحثين.

ومن خلال بحثي وقراءتي عن هذه المدينة الغارقة بين الرمال ، توقفت أمام عدد من رحلات المستكشفين بدأ من رحلة عام 1930م التي قام بها بيرترام سيدني توماس وهو أول أوروبي يعبر صحراء الربع الخالي باحثا عن آثار مدينة (أوبار) بمساعدة عدد من البدو الذين يسكنون تلك المنطقة ، إلا أن محاولاته فشلت.

وفي عام 1940 عثر ويلفريد ثيسيجر وهو رحالة بريطاني عبر الربع الخالي مرتين ما بين عامي 1945 و 1950م ، على “بعض البقايا لبئر ولمبنى قال عنه : إنه حصن كان في المدينة وذلك في منطقة في تلك الصحراء يسمى “شصر”، إلا أنه فشل هو الآخر في إثبات أن تلك الآثار تخص المدينة المفقودة، وقد كانت محاولة المستكشف الإنجليزي مدخلاً لمحاولة أخرى لشركة تنقيب عام 1948 ، وأكدت كلامه بأن منطقة “شصر” هي مكان مدينة (أوبار) التي يبحث عنها الجميع إلا أنهم لم يقدموا أي دليل منطقي على ذلك الأمر”.

وفي عام 1992 ترأس نيكولاس كلاب بعثة بحثية أمريكية مكونة من “عدد من علماء الآثار والتاريخ، وجاء نيكولاس مدعوما بدراسته الجيدة لمحاولات السابقين وكذلك قراءته لكتاب “أرابيا فيليكس”، ومعه مجموعة من الخرائط التي رسمها الجغرافي السكندري كلاوديوس بتوليمي في عام 200 ميلادية، ولم يقتصر الأمر على ذلك بل استخدم نيكولاس الوسائل الحديثة والمتطورة وعلى رأسها الصور الملتقطة للمنطقة بواسطة الأقمار الصناعية، وعثرت البعثة على آثار ضخمة وبقايا مبانٍ شاهقة وحفر نيران قيل إنها كانت تخص تلك المدينة، وكان ذلك أيضا في منطقة “شصر”، وقد كان ذلك اكتشافا رائعا حقا، ولكن لم يقدم دليلاً واحداً على أن تلك الآثار تخص مدينة (أوبار) المفقودة، وبرغم تأكيدات نيكولاس إلا أنه لم يصدقه أحد من العلماء والمتخصصين خاصة في ظل عدم تقديمه لدليل مادي وعلمي على ذلك”.

ونشرت جريدة لوس أنجلوس تايمز الأمريكية عام 1992 مقالة تحدثت فيها عن “مدينة مفقودة في عُمان ، تم اكتشافها بمساعدة آثار البدو وصوراً من الأقمار الصناعية ذات التقنية العالية وتوصل الباحثون من خلال الحفريات الأثرية إلى أن مدينة عُبار شاركت في تجارة البخور وأنها كانت منطقة مأهولة بالسكان ، كما أشارت أيضاً إلى أن هناك حصناً محاطاً بـ 8 جدران مع برج في كل زاوية مبني على كهف كبير من الحجر الجيري؛ لكنها غرقت في رمال الصحراء وما يزال بعضها واضحاً للعيان”.

وفي مقاله بعنوان (سر مدينه أوبار الضائعة تحت رمال الربع الخالي) ، المنشور بجريدة أخبار العالم المصرية في 2020؛ قال الأستاذ مختار القاضي : إنه في “سنه 1932م قرر الإنجليزي برتراند توماس أن يكتشفها ويتجول في أرجائها، وعرف من البدو قصص أسطورية عنها ورؤيه البعض لها رؤيا العين من قصاصي الأثر ولكنه ضرب بكل الأقاويل عرض الحائط ، الرحالة جون فيلبى عميل المخابرات البريطاني؛ إذ كان له رأى آخر حيث وجد في أرشيف محفل المتحف البريطاني وثائق تثبت وجود مدينه ضائعة أسفل الربع الخالي تدعى (أوبار) وهى مدينه الكنوز والأسرار، وقد تمكن فيلبى من العثور على آثار تثبت أن هذه المدينة كانت جنة خضراء مليئة بالمسطحات المائية كما تمكن العلماء من اكتشاف طريق التجارة القديم الذي كان يمر عبر صحراء الربع الخالي نحو الشمال .. تم أيضا اكتشاف أوانٍ فخارية فرعونية ورومانية وإغريقية تعود إلى آلاف السنين لتبقى (أوبار مدينه الرمال) لغزاً خفياً ضائعاً يصعب الكشف عنه حتى الآن”.

وتبقى المدينة التي سكنها قوم عاد ، ولقبت بـ “أتلانتس الرمال” ، سراً مفقوداً لا يعلمه إلا الله.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى