بأقلام الكُتّابمقالات وآراء

لماذا المُثقف هو وريث الأنبياء وهل كل مُثقف مُصلح؟؟..

حـمـد الـنـاصــري

 

لماذا المُثقف هو وريث الأنبياء وهل كل مُثقف مُصلح؟؟..

 

كلنا قرأنا وسمعنا الحديث الشريف (العُلماء ورثة الأنبياء …) إلى آخر الحديث وطبعاً نحن كمسلمين نُؤمن ايماناً مُطلقاً بكلام نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ولكن في خضم تنوع وتطور وسائل التواصل الاجتماعي اصبحنا نشهد ظواهر غريبة منها ظاهرة مُخالفة الآيات القرآنية والأحاديث النبوية من قبل أشخاص مُسلمين !!! للوصول الى اهداف مُعينة منها الشُهرة من منطلق خالف تعرف وغايات أخرى لا يعلمها إلا الله.

ويرتبط مفهوم العِلم ارتباطاً وثيقاً بالثقافة رغم أننا نعلم انّ العِلم تخصص والثقافة عامة فمن الجهل بمكان انْ يقوم من يدّعي الثقافة بانتقاد عِلْم مُعين دون انْ يكون لدى المُنتقد أدلّة وتفاصيل بحجة انّ الثقافة اكثر شمولاً وربط الثقافة بالإصلاح دون أنْ نسوق أي دليل على ذلك!!.

فلو ذكرنا امثلة على المُصلحين وأخص الأنبياء منهم فلم يكن أكثرهم يحمل الثقافة بمفهوم هذا الزمان ولكنهم كانوا يحملون أخلاقاً ومبادئاً وسيرة وعِلْم ربّاني خوّلهم رفع راية الاصلاح لقرون طويلة وكان لهم صولات وجولات و صراع مرير مع رافضي الاصلاح من الكفار والظالمين وجاء بعدهم العُلماء اللذين انبروا لرفع نفس الراية من أجل ديمومة واستمرار عجلة الاصلاح من الدوران لأنّ حاجة المُجتمعات للإصلاح والمُصلحين  لم ولنْ تتوقف وفي جميع تلك الحالات كان الناس يصفون الانبياء بالصلاح والنزاهة فلما ارادوا انْ يُصلحوا تلك المُجتمعات انْبرى لهم شرار القوم ووصفوهم بأشنع الاوصاف وحاربوهم بكل ما أوتوا من قوة حتى أذن الله بنصره لأنبيائه ورسله.

أسوق كلامي هذا وأنا اقرأ تغريدات بعض مدّعي الثقافة الذين قرأوا كتاباً أو كتابين واطلعوا على مُصطلحات مُعيّن فأصبحوا بقدرة قادر مُصلحين وورثة الأنبياء!! فيما هم يكتبون عنوانهم العِلْمي الذي حصلوا عليه بالدراسة والاجتهاد العِلْمِيَّيْن ولم يذكروا درجاتهم الثقافية إنْ كان هناك مثل تلك الدرجات، ذلك لأنّ الثقافة سلوك وخبرة واطلاع، فغيّروا حديثاً نبوياً ليُحْدِثوا ضجيجاً يجذب إليهم الأنظار والأسماع !!.

إنّ المُثقف الحقيقي لا يحتاج إلى ذكر درجته العلمية كنوع من التباهي ولغرض جذب الانتباه فمثله كمثل حادثة ذكرها الفيلسوف الإغريقي سقراط حين رأى شاباً يلبس أفخم الثياب ويتباهي بثروته ومجوهراته كالطاووس فبادره سقراط بمقولته الشهيرة (تكلم لأراك)!! فليس كل من قال أنا مُثقف يجب أنْ نصدقه أو نُصدّق أنه مُصلح !!.

أربط كلامي أعلاه برسالة نقلتها “عمان نيوز OMAN NEWS” الإخبارية لأحد المُغردين نصّها : “أن المثقف هو الوريث الحقيقي للأنبياء لأنه يدعو إلى أفكار إصلاحية”، وعلّق أحدهم ممن يحمل تلك الصفة التي ذكرناها آنفاً ومؤكداً القول والفِعْل :” كلامه صحيح” !!.

وهنا أتسائل هل يحق لكل مُثقف يدعو للإصلاح ؟ وما هي معايير الثقافة ؟ وما هي صفات المُثقف ومؤهلاته ؟ ومتى يُطلق على شخص ما صِفة مُثقف ؟؟.

إنّ معرفة شيء من كل شيء هي أحد معايير الثقافة وبسبب شمولية الثقافة فمن الصعب على حاملي لقب المثقف التعامل مع كافة القضايا والمواضيع بنفس الزخم والقدرة.

ناهيك عن الدعوة للإصلاح في كل تلك العناوين، لا بل هي مُهمة شبه مُستحيلة لا يدّعيها إلا من يجهل آفاقها، بينما العُلماء لا يتدخلون بأمور خارج اختصاصاتهم ويصبّون جُل تركيزهم على تلك الاختصاصات ليخرجوا بأفكار أصلحت وغيّرت حال الانسان منذ بَدْء الخليقة !!.

نجد في موقع collinsdictionary.com  تعريفاً جميلاً لمعنى العِلْم .. على أنه دراسة طبيعة وسلوك الأشياء، ومن خلاله نتوصل إلى المعرفة على أن أفضل الاكتشافات العلمية قد تكون في غاية البساطة… بينما الثقافة يتم تعريفها في موقع merriam-webster.com  على أنها المُعتقدات والعادات والفنون الخاصة بمجتمع أو مجموعة ما، فجوهر الثقافة عند الإنسان هو التعلّم والاطلاع كما أنها تنمية العقل والجسد فيما يُساهم تطوير العقل بدوره في تقدم العِلْم .. وهنا نُعيد سؤالنا بصيغة أخرى من هو المثقف ؟؟ ومن يُقرر على منح ذلك اللقب؟ أليس الجمهور والناس هم من يُقرر ذلك؟! ومن ثم أكثر المُثقفين لا يدّعون أنهم مُثقفون ولا يطرحون أفكاراً (إصلاحية) أو (إفسادية) لعدم امتلاكهم وسائل وقدرات معينة كثيرة .. منها قابليّة الإقناع، وقبول الجمهور لهم، وسيرتهم وتاريخهم المُتميز، بالإضافة إلى قدرتهم على المُناقشة بالحجة والدليل؛ أمّا اتباع اساليب مُلتوية لإيصال فكرة مثل تحريف حديث شريف أو الاعتراض على آية قرآنية أو حتى الاقتباس من شخصية أجنبية مشهورة فهو دليل على الإفلاس الثقافي والروحي !!.

وخُلاصة القول؛ نقول إنّ الثقافة لقب يمنحك إياه جمهورك ومُتابعوك على أساس دقّة المعرفة والتصويب والسلوك الرّصين والأفكار المُتجددة التي تمتلكها، أمّا أن تطرح نفسك كمثقف ويُصفّق لك عدد من أمثالك لا يتجاوزون عدد أصابع اليد الواحدة فذلك لعمري انتحار على صخرة الثقافة .. فهل يُمكن مُقارنة مُدَّعي الثقافة مع شخصية كشخصية العلامة سماحة الشيخ الجليل أحمد بن حمد الخليلي في العِلْم والمعرفة والثقافة العامة والخاصة ؟! وهل طرح أولئك الأشخاص يوماً أفكاراً إصلاحية نفعت المُجتمعات وغيّرت واقع الأمم كأفكار وأطروحات الشيخ الخليلي حفظه الله سواء الاجتماعية او الحياتية أو السياسية أو الدينية وحتى العلميّة ؟؟

إنّ صِفة الإصلاح قمّة صعب الوصول إليها ، نالها الأنبياء والرُسل وقلّة من العُلماء، فيما فشل الكثيرون في مسعاهم حتى مع صلاح النوايا .. أمّا افتراض أنْ المُثقفين هم مُصلحون بالضرورة فهو كلام مردود إليهم، مع احترامي..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى