بأقلام الكُتّابمقالات وآراء

شاهين جمعنا .. وبشر الصابرين..

الدكتور/ م. محمـد المعـمـوري

 

شاهين جمعنا .. وبشر الصابرين..

 

كانت الايام القليلة التي سبقت اعصار شاهين ايام ترقب وايام لحمة وطنية فترقب اهل الجنوب  (حيث كنت هناك) شاهين بخوف والم وترقب مع دعاء خالص لأهلهم في الشمال ، حيث كانت الاخبار تتوقع وقوع شاهين فيها ، كان الجميع يدعون متماسكين لوطنهم وبترقب الى سماع الاخبار التي تنبأهم باقتراب شاهين حتى يوم السبت حيث كانت الاخبار تشير الى أن شاهين اقترب من السواحل الشمالية من المحروسة (بإذن الله) سلطنة عمان ، كنا في الجنوب فلمسنا ألمهم وخوفهم وسمعنا دعاءهم وكانت الأكف ترتفع تدعو الله لرفع هذا الابتلاء عن عباده ، وأن يحفظ الله الوطن وأهله وقيادته.

(الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ)..

لم يكن الجزع يلهيهم عن الدعاء ولم تكن الاخبار التي تناقلتها منصات التواصل الاجتماعي أو الوكالات العالمية تؤثر في معنوياتهم ، فكان إيمانهم بالله عز وجل أعظم من خوفهم ، وكانت ثقتهم بالتدابير التي اتخذتها حكومة السلطنة لحماية ابنائها اكبر مما تم نقله من اخبار صادقة او اخبار اريد منها تضخيم الموقف او اخبار تكلم بها بعض غير المختصين في قنواتهم او اخبار جاءت معها توقعات واخرى استنتاجات مبنية على اسس علمية او خارجة منها .. نعم كان شعب السلطنة يردد : 

(الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ).

وشاء الله سبحانه ان اتجه الإعصار شمالاً الى مسقط (عصر يوم السبت 2/10/2021) فشاهدت الناس هناك باطمئنان ورضا لقدر الله وكان الناس في مسقط متأهبين لما سيحل عليهم ويعلمون انه امتحان من رب العزة سبحانه وتعالى وكذلك لمست من الناس تقيدهم بالتعاليم التي تصدرها الجهات المسؤولة في البلاد ولاحظت انهم على تواصل دائم بالأخبار واكثر الاخبار التي كانت تهمهم هو كيف يتم تجنب الاضرار بقدر المستطاع .. ولاحظت قول الله تعالى فيهم : 

(وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ ۗ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا ۖ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ).

شعب متعلم راض بقدر الله وقضائه واثق من قيادته في اتخاذ كل التدابير التي تخفف من وطأة هذا الاعصار من خلال عمل الاحتياطات والاجراءات التي اتخذتها الدولة الرشيدة للحفاظ على ابنائها الأبرار وقد فعلت…

مهما كانت الخسائر المادية فإننا أيقنا بأن الإعصار من قوته لم تكن اي اجراءات سوف توقفه او تقلل منه إلا ثقافة المجتمع التي يمتلكها العمانيين وإيمانهم بما يقدره الله عز وجل.

بفضل الله كنا على اتصال دائم بإخواننا الساكنين في المناطق التي وقع فيها الاعصار بشكل مباشر ومؤثر وكنا نتواصل معهم عبر منصات التواصل الاجتماعي كافة فكنا نلمس منهم الرضا والقبول بما جاء من السماء.

(وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ۗ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ)..

ومن أجل ذلك… 

نجحت عمان المحروسة بفضل الله من تجاوز هذا لإعصار الشديد – كما تجاوزت من غيره من قبل – بأقل الخسائر وبقلوب مؤمنة مطمئنة راضية لما قدره الله سبحانه وتعالى.

لقد كان المواطن لديه الوعي الكافي لما يحيط به من خلال التثقيف الذي دأبت الحكومة على التأكيد عليه من خلال التلفاز او من خلال منصات التواصل الاجتماعي. 

تجاوزت عمان الاعصار وغادرها الاعصار ليجمع قلوب ابناء الوطن على قلب مواطن واحد تحت ظل قيادتهم الرشيدة ليستمر بإذن الله البناء والتقدم .. رحم الله من فقدناه وعوض السلطنة خيرا عما تم تدميره من بنى أساسية بسبب الإعصار .. والحمد لله رب العالمين.

(وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى