مـعـشـوقـتـي..
الكاتبة/ رحمـة بنت مبارك السـلمانـي
مـعـشـوقـتـي..
لغتي هي صاحبة الجلالة التي تربعت على العرش بلا منازع، هي العروس التي حظيت بتاج لن تطاله أي عروس مدى الحياة وعلى مر العصور لتفاخر به الكون بأسره، فاللغة العربية هي أجمل اللغات التي تحوي أجمل وأشمل وأكمل المفردات والكلمات والمصطلحات والعبارات، فهي لغة فخمة وثرية بالمترادفات، تتيح لنا التعبير عن ما نكن في صدورنا وما يدور في رؤوسنا بمفردات جميلة مرنة وقوية في الوقت ذاته، وكأنك تؤلف معزوفة أو مقطوعة موسيقية فريدة بين النغمات أو كصياغة قصيدة من أجمل الأبيات.
اللغة العربية هي المعشوقة التي تتميز عن مثيلاتها بل هي العريقة التي ليس لها مثيل على الإطلاق؛ لأنها متفردة بأهَميتها ومكانتها في هذا العالم الذي يعج بآلاف اللغات، فهي لغة القرآن الكريم الذي وعد الله بحفظه وبذلك تُحفظ اللغة العربية من الزوال والاندثار، وهي لغة العرب القدماء التي لا زالت تجري في الدم وتتدفق في الأوردة والشرايين بسلاسة يخفق بها القلب وتتسارع نبضاته وتتوافق معه قلباً وقالباً، لذا يجب على كل عربي أن يفخر بلغته الأم وبلسانه العربي الذي يتميز بالفصاحة والبلاغة والقوة والرصانة.
لقد خُصص الثامن عشر من ديسمبر من كل عام ليكون يوماً عالمياً للغة العربية وسميت (لغة الضاد) لأنها اللغة الوحيدة في العالم التي يُكتب ويُنطق فيها حرف الضاد، رغم زعم البعض أن هناك لغات أخرى في العالم تحوي هذا الحرف الفريد، إلا أن اللغة العربية هي المتفردة به وبفخامته، كما أن حرف الضاد يليق بقوة اللسان العربي لصعوبة نطقه لدى غير العرب، إن اللغة العربية لغة تستحق أن يحتفي بها العالم أجمع، لما لها من أهمية في مختلف جوانب حياة البشرية، فهي لغة العرب والأمة الإسلامية؛ لأن الدين الإسلامي أساسه الصلاة وقراءة القرآن والذكر، وكل ذلك لا بد أن يكون باللغة العربية.
لقد حازت لغة الضاد على كل الجمال والتفرد بين اللغات ولا زالت تزداد جاذبية وألقاً ، مما دفع بعض الدول إلى إنشاء مشاريع لحماية اللغة العربية، وتخصيص مراكز ومؤسسات ومبادرات تعنى بكل ما من شأنه الحفاظ على اللغة العربية؛ لأنها تمثل هويتنا التي لا يمكن أن نتنازل عنها أو نستبدلها مهما طال الزمان أو قصر، ورغم صعوبتها إلا أن جمالها ملفت للعقول والأفكار وجاذب للكثيرين لتعلمها وفهمها واستيعاب مفرداتها الهائلة ومكوناتها الفريدة بحروفها الثمانية والعشرين، بكل ما فيها من بلاغة وبيان ونحو وصرف، حتى الناطقين بغيرها قد جذبتهم بسحرها، وسعوا إلى تعلمها واستكشاف خبايا جمالها وسر تألقها، وتتبّع سحر حروفها ومفرداتها، بل أتقن بعضهم تحدثها بطلاقة رغم أنها ليست لغتهم الأم، ليكون ذلك بمثابة درس يعلمنا الفخر بها والسعي للحفاظ عليها والاهتمام بها، والتعمق في ممارستها واستخدام في كل نواحي الحياة، والاهتمام بتدريسها في مختلف المراحل الدراسية، لا أن نعمل على تهميشها أو إقصائها على حساب لغات أخرى، أو التفاخر بإتقان لغات أجنبية وعدم الشعور بالخزي من ركاكة لغتنا الأم.