بأقلام الكُتّابمقالات وآراء

كيف نهتم بأناقة السلوك قبل أناقة المظهر ؟؟..

الكاتب/ أ. عصام بن محمود الرئيسي

مدرب ومحاضر في البروتوكول والإتيكيت الوظيفي

 

كيف نهتم بأناقة السلوك قبل أناقة المظهر ؟؟..

 

يقف الواحد منا وقتا طويلا أمام المرآة ؛ ليتأكد بأن أناقته مكتملة سواء في  نظافة ثوبه أو ثبات عمامته، وغير ذلك من علامات المظهر الخارجي قبل أن يخرج للناس ، وحتى يكون على يقين بأن مظهره سيلاقي إعجاب من حوله، وهذا أمر لا غرابة فيه . فهو أمر طبيعي وهي وسيلة من الوسائل التي تؤكد لنا حقيقة أناقتنا الخارجية، ولكن كيف أعرف في المقابل بأن أناقتي الداخلية في أحسن حال فهل أستخدم نفس المرآه ، أم وسيلة أخرى. الأخلاق هي الأناقة الحقيقية ، وهي بمثابة جسر آمن للارتقاء الإنساني، وفي حالة سقوطها لا يتهشم الفرد لوحده ، بل قد يؤثر على من حوله مهما كانت مبلغ أناقته الخارجية ومظهره.

لا يمكن لأحد منا أن ينكر دور الأخلاق في تكوين شخصية الإنسان السوية، والرقي بالمجتمع إنسانيا، فهو المفتاح السحري الذي يدخلنا  إلى عالم الفضيلة ، والمحبة ، والوئام. فالأناقة الداخلية كفكر، وسلوك ، وتصرف مهمات للغاية ولا تقل أهميتهن عن الأناقة الخارجية، إلا أن البعض لا يعطي الاهتمام  بأناقته الداخلية بل  يجعلها تسبح مع التيار من خلال التعاملات اليومية مع البشر سواء تعامل بالسوء، أو بسلوك راق ، ولا يلتفت لسلوكياته ، ويقيمها ، ويقومها ، بل يتغافل عنها على الرغم من معرفته بأن ذلك السلوك غير سوي يجب عليه أن يغيره ، ويطوره إلى سلوك راق إلا أنه يكتفي  بأن يمر يومه بسلام ، ونجاح  من الجانب المادي فقط من وجهة نظره.

 ولكن الحقيقة لا بد من أن نلتفت إلى كل أمر نراه غير سويِّ سلوكيا ، ونستوقف معه بحرص ونحدِّثُ أنفسنا عن مدى صوابه ، ويمكن أن نرى مدى صوابه أيضا في وجوه ، وعيون الآخرين ممن نتعامل معهم ، وهذه هي المرآة الحقيقية التي يمكن أن تظهر لنا الحقيقة الخالصة عن أخلاقياتنا وسلوكنا مع غيرنا . وهذا أمر أيضا لا يتأتى إلا بجلسات فيها مصارحة ،ومكاشفة مع النفس بين فترة ، وأخرى من حياتنا .. ولا أحد يستطيع معرفة الخلل بداخلنا مثل أنفسنا.. نحن نعرف أهواء أنفسنا ، ومزاجها ، ونيّاتها وإيجابياتها وسلبياتها.. ونقاط قوتها ، وضعفها .. ونحن الوحيدون القادرون على إصلاحها وتهذيبها.. لذلك فمن المهم جدا أن نكون حريصين ودقيقين في اكتشاف أنفسنا.. وهواها.

لهذا علينا أن نحرص للوصول إلى رقيّ النفس وتهذيبها سلوكياً من خلال النقاط التالية:

  • احرص على أن تكون إيجابياً للمحيطين بك مهما قل عددهم ، أو كثر ..
  • إحرص على ألا تكون مخالفاً للقواعد ، والقيم والعادات المجتمعية ، والقوانين ، وأن تكون القدوة لمن يتبعك ، ولا تنه عن أمر تأتيه مهما بلغ في الصغر .. لأن الآخرين قد يجعلون منه مقياساً لبقية الأمور..
  • كن دائماً سباقاً لنشر الوعي ، والخير ، والمحبة .. مبتعداً عن الذّم ، والقَدْح ، وسلوكيات الأشرار.
  • أنظروا في وجوه المتصالحين مع أنفسهم ؛ إن صفاء النفس يمنح صاحبه شعوراً كبيراً بالسعادة ، والطمأنينة ، والرضا ، ولكي تكون النفس صافيةً ، ونقيّةً لا بد أن تبتعد عن كل ما من شأنه أن يجرح نقاءها ، ويعكر صفوها ، بإيذاء الآخرين ، ويجب على الفرد منا أن يحرص على السلوكيات الإيجابية الطيبة ، وأن يهذّب نفسه بما ينبغي لها أن تُهذّب.

البعض من الناس اليوم ينظرون إلى أنفسهم بأنهم قمة التفوق أخلاقياً ، ويستعرضونها ويتباهون بها على الملأ ، ويصرّون بأنهم من أخيار الناس ، والنخبة الأخلاقية تعاملاً ، وأنهم متفوّقون عن بقية من حولهم من البشر ، ويرَوْن غيرهم بأنهم هم من يحمل السوء ، والشر ، وهذا هو حكمهم على أنفسهم بدون أن يدركوا بأن المرايا من الناس الذين هم من حولهم تكشف هذا التبجح والتباهي ، وهذا الأمر شائع بكل قوة في العالم الافتراضي بشتى تطبيقاته ؛ باعتباره مساحة مفتوحة ونشطة تُسَهِّل لهم تلك العملية بشكل كبير ؛ سواء عبر التعبير عن صفات أخلاقية مصطنعة ، أو من خلال اتهامهم للآخرين بقلة الأخلاق ، أو انعدامها.

وعلى الخير نلتقي، وبالمحبة نرتقي..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى