أوروبـا كـمـا رأيـتـهـا .. الجـزء (14)..
الكاتب/ عبدالله بن عبدالرحيم البلوشي
أوروبـا كـمـا رأيـتـهـا .. الجـزء (14)..
أصبحنا بعد تعب واجهاد في يومنا السابق ، ونحن نسير في أحضان مدينة أوربية ذات تاريخ لا يحمد … خواطر شتى تتجاذبني ونحن نتوجه من قرب مدينة الألعاب وفنون التسلية (ديزني) حيث كنا نقيم ، إلى محطة القطارات إلى مدينة باريس في زيارة مكملة للزيارة السابقة .. كان اليوم هو (3) من الشهر التاسع من سنة 2015 ميلادية .. هل توقّعت يوماً أنني سأشد الرحال الى هذه العواصم ، عواصم الغرب ، وقد كنت أرتع وألعب بين البلاد والساحل حافي القدمين في المدينة العتيدة مدينة صور ؟ على اية حال هو سفر للوقوف على وجه من وجوه الحياة الغربية .. ولي في سابق السنوات مراس في مدن أوربية وأمريكية .. واستحضرت مدينة المنامة والمحرّق ، ولا يمكنني نسيان الرّفاع الشرقي ، تلك المدينة الوادعة الصغيرة ، وطيبة أهل البحرين ، ولا أنسى بيت أحمد الكعبي وخليفة الكعبي محل السمر مع أبنائهم لمشاهدة التلفاز الذي يبث من أرامكو السعودية .. ولا أنسى مسلسلات (بوننزا) الذي يحاكي الحياة الأمريكية المتوحشة وقتل الناس كأنهم خرفان عيد!!.
انطلق القطار ميمّما نحو باريس ، باريس مدينة الحب ومدينة الأضواء مدينة العطور ، عاصمة فرنسا .. حطَّ بنا القطار في محطة وسط باريس .. نزلنا في ساحاتها ، ساحة الكنكورد التي تقع في الجهة الشرقية من شارع الشانزليزيه ، وكانت في البداية للملك الفرنسي لويس السادس عشر ، أعدم فيها شخصيات كثيرة ، وتضم ما سُرِق من الشرق كالمسلّة المصرية عمرها ثلاثة آلاف سنة كانت تقع بالقرب من معبد الأقصر في القرن التاسع عشر .. هكذا هي أوروبا اقتاتت على ما لدى الآخرين.
أبي .. أنظر .. ما أحلى هذا اللباس وهذا الحذاء .. قالتها صغيرتي الشيماء .. وأنا سارح فيما أرى ، وانتبهت مع تكرار سؤالها وأجبتها : نعم حبيبتي لا عليك خذيها إذا تودين شراءها .. مكتظة باريس من البشر في فترة الصيف من تلك السنة من عرب الخليج زرافات وأفرادا يمشون في شوارعها، منهم للنزهة وآخرون للتسوق بأرقى ما تنتجه المصانع الغربية ..
مطاعم منتشرة على أطراف الشارع، جلسنا في شارع الشانزليزيه لاحتساء كوب من الشاي وتناول بعضٍ من المأكولات الخفيفة.
معرفة العالم واكتشاف أسراره تعطي بالضرورة معنى للحياة ؛ ففي باريس مركز بومبيدو : مركز ضخم يضم مكتبةً كبيرةً وواسعة ، بالإضافةً لمتحف فني وطني حديث ، وهو أكبر متحف موجود في أوروبا ويعنى بالفن الحديث ، والذي تكفل ببناء هذا المركز هو الرئيس الفرنسي جورج بومبيد ولذلك سمي باسمه ، كما يوجد فيها متحف كوت الذي يضم اللوحات الانطباعية في محطة السكك الحديدية القديمة ، ويعرض سنوياً الآلاف من الأعمال الفنية.
هناك في باريس مزارات وأماكن سياحية وترفيهية وتسوّقية كثيرة ، يرتادها الملايين سنوياً ، نعم للتسوق في عواصم الغرب بعض من المتعة ، فقد تكون هذه العواصم نزهة رائعة للمتسوقين ، فجبنا المدينة جلّها وأعني باريس .. فهي نشوة كبرى لكثير من أناس الشرق وأخص به عالمنا العربي والإسلامي.
هدأت النفس مع الغروب ، وأزيز القطار أعلن العودة ، ركبنا والسعادة تبدو على وجوهنا خاصة أطفالنا عائدين إلى الفندق لنتناول عشاءنا ونأخذ قسطاً من الراحة بعد يوم من التجوال الممتع ، لنواصل رحلتنا في اليوم التالي ومدينة جديدة..