بأقلام الكُتّابمقالات وآراء

سماحة الخليلي وسلامة الموقف العماني ..

حـمـد الـنـاصـري

 

سماحة الخليلي وسلامة الموقف العماني ..

 

حمل الإسلام في طيّاتِه العديد من الأخلاق الحميدة منها السّماحة في العبادة ؛ وخفَّف على المريضِ الصلاة قائمًا، وراعى حالة المُسافرِ وأباح له قَصْر الصلاة وجمعها، ومَنح الصائم عذراً وأبدله بالفداء لصيامه وطالب الموسرين بالصبر وعدم تحميل الدائنين عُسرا.. ودعا إلى التحلي بالأخلاق الرزينة ومبادئها القويمة بالسماحة واليُسر ، والمؤمن الصالح ذو خُلق رفيع يتسامى بالعفو والصفح والصلاح والتيسير، وأخلاق الدين الحنيف تنهى عن الغُلو والتشديد والقذف ظاهراً وباطناً وأمر المؤمن الحقّ بالكفّ عن إيذاء غيره ، فما باله وهو يُشرّع لنفسه حقاً ليس له حق فيه ؟.

إن الرسالة الموجهة عبر الوسائل المختلفة والمُعنونة باسم سماحة الشيخ احمد الخليلي؛ إنما هي رسائل مُمنهجة ، ونَعرف أسبابها كما يَعرف أؤلئك البائسون كيف يختارون توقيتها؛ فالكتابات عبر وسائل التواصل الاجتماعي والفيديوهات في برنامج اليوتيوب هي مَثلمة أصحابها ، كما بيّنت لنا ، أنها قرينة ضَعف التحصيل العلمي والفقهي ، فالتقارب والتعايش صفتان مُتلازمتان يأتيان من خلال بثّ الألفة والمحبة والمودة بين الناس وليس لتفرقتهم وشتاتهم.

ولا ريب فإنّ المدارس الفقهية واختلافاتها الفكرية ظهرت منذ أن بدء الآيات القرآنية تتنزّل على النبي محمد صلى الله عليه وسلم ويُظهر احكامها الشرعية ويُبينها للناس ، ثم أخذت بَعد النبي محمد صل الله عليه وسلم في التوسّع على يد الخلفاء الراشدين ونشطتْ الاحكام الفقهية وتأويلاتها على فلسفة جهابذة العلم والمعرفة وأخذوا يُعرضون بسعيهم نحو مزيد من خلق التيسير للناس. ثم تلتها ما يُعرف بالمدارس الفكرية التي اخذت ـ ايضاًـ في التوسّع الكلامي وأصبحت اختلافاتها الفكرية عقيدة لمن يُؤمن بفكرها وكلامها ، ثم ما لبثت أنْ تحوّلت إلى عقيدة تعامدت على اختلافات وانقسامات فكرية ، فكانت تلك الانقسامات والاختلافات النواة الأولى ، لبدء تكوين ما يُعرف بالمذاهب الفكرية.

وكما يُعرف أنّ سلطنة عُمان وعلى رأسها سماحة الشيخ الجليل أحمد الخليلي “حفظه الله” أنها سعتْ بكل  مصداقية ودأبتْ بأنْ تُبعد المسلمين عن الفتن وتبذل قُصارى جهدها لتقريب وجهات النظر وتوحيد كلمة المسلمين تحت راية الإسلام بلا شِقاق ولا فرقة ولا طائفية او تشدّد، وهذا مُجملاً ما تتميّز به السلطنة . وأما الشيخ الخليلي “حفظه الله”؛ فهو من الفُقهاء الذين يُشار إليهم بالبنان ومن أعلام الأمة الإسلامية ، فسماحته شَهد له العامة والخاصة من أهل العلم وجميع عُلماء وفقهاء المذاهب والفرق الإسلامية بمواقفه المُشرّفة في قضايا الأمة، وهدفه الأول هو توحيد الأمة، ونبذ الخلاف بينهم، والتآلف بين جموع المسلمين، وترك الخلافات الفقهية والأفكار الاختلافية في الرأي، فلا يَنبغي أن يُكفّر المسلم مُسلماً، ولا أنْ يتعصّب اهل العلم لعقيدة يُؤمنون بها او فِكراً اطمأنّوا إليه .. ونحن والحمد لله في سَلطنة عُمان على قلب رجل واحد، لا يُفرّقنا مُفرّق ولا يُشتتنا مُشتّت؛ نتعايش مع إخواننا بلا خلاف ولا نزاع طائفي نسير على نهج قويم ، منذ السلف الأول، انطلاقاً من قوله تعالى : “وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ” فالاحترام هو أعلى مقام بيننا .. ومساجدنا مفتوحة لمن يُريد عبادة ربه وفق اختياره شريطة أنْ لا يُؤذي أحداً ولا يجرح أحداً ، فطبقات المجتمع  واحدة، إلاّ من خرج وخالف وجهر بعنصرية قومية أو إثنية خارجة عن ثقافة المجتمع.

أسوق هذه المقدمة في مقالي هذا وأنا أجد بعض المُتطاولين على أعلام الأمة الإسلامية ولا نقول له إلاّ ما قيل عن الخارجين عن الإيمان .. إمْلأ  صحيفتك كيف تشاء وستجدها يوماً مبسوطة تقرؤها بنفسك بعينين حديديتين (إقرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا) وفي الحديث الشريف نقرأ (مَن عادى لي وليًّا فقد آذنتُه بالحرب) وليعلم الذين يُخالفوننا ويُؤذوننا في الشيخ أحمد الخليلي بالقول المُبطّن بأنّه تاج على رؤوسنا وصمّام أمان للأمة العربية والإسلامية، وهو رجل عُرف بمواقفه الجريئة، ورع خالص الإيمان نقيّ السريرة، لا يُعادي أحداً سواء  كان طويلاً على منهج الجامية المُجرّحة، أو قصيراً على منهج المارقين بحشويّتهم أو المُغرضين الذين فتنوا الأمة الاسلامية ..  فالخليلي من عباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً مُحتسباً الامر لله ، صابراً وفي غضاضة عمّا بدا من الذين يُخالفونه ويَقذفونه بأبشع الألقاب الجارحة.

أختم مقالي بهذه الآية الكريمة؛ قال تعالى : (وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأرض هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجاهلون قَالُواْ سَلاَماً*).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى