بأقلام الكُتّابمقالات وآراء

مـيـلاد رجل .. مـيـلاد وطن..

الكـاتـب/ حـمـد النـاصـري

 

مـيـلاد رجل .. مـيـلاد وطن..

 

قد يَعتقد البعض أنّ فرحة العُمانيّين بالعيد الوطني هيَ مُجرّد فرحة عادية ليوم مُهِم مِن أيام الوطن ولكنّ الأمْر أعْظَم مِن ذلك بكثير .. فحبّ العُمانيّين العفوي وغير المشروط لذلكَ اليوم المجيد يتأتّى مِن عوامِل فطريّة وعفويّة نقيّة مُتعدّدة ، أوّلها أنّ ذلك اليوم يَعني لهم ولكُل مَن عاصَر فترة الانْتقال الكبرى والنهضة العظيمة أنّ النهضة الحديثة كانت لعُمان مُتحوّلاً هائلاً انتشلهم مِن ضائِقَة الفَقر إلى سعة الرفاهية ، ومِن ظلام الجَهْل إلى نور العلم والتطوّر ، ومن التخلّف إلى ركْب التقدم ، ومِن ناحية اخرى أنّ ذلك اليوم ارْتَبط لِنصْف قرن بميلاد رجُل عُماني شَهْم وأصِيْل عَشقه العُمانيون قَبْل أنْ يكون سُلطاناً عليهم وقائداً لدفّة سفينتهم ، إذْ كانَ لهم طوال حياته أباً حنوناً وأخاً شهْماً وقائداً عزماً ، زرع فيهم حُب عُمان ، وأيقظ الإحْساس بالاعْتزاز والانْتماء التاريخي؛ فكانَ الوطن عُمان عهْدٌ راسخ وفي أنفسهم وطنٌ هو أجْمَل الأوطان ، إنه المغفور له بإذن الله تعالى جلالة السلطان قابوس بن سعيد رحمه الله .. ذلك اليوم التاريخي أصبح عيداً ترسّخ في ذاكرتهم وهو ولادة جديدة لأمّة ما غابَت الشَمس عَن ألَقها وحضارتها ولم تزل بأمْجادها حاضرةً كحضور مكانتها بينَ الأمم وراسخةً كرسوخ جبالها الرّاسيات ، ومِن مَنظور آخر فإن 18 نوفمبر هو يوم ولادة الرجُل الذي أعادَ صِناعة التاريخ مِن جديد بعنفوانه وزهوه ، وفوق كلّ هذا فهو يُشَكّل يوماً لبداية عَصْر الوحْدَة الوطنيّة ، ونهايَة الفُرقة والتناحُر والانْقسام ، وهو مِن أهمّ انْجازات تلك الحُقْبَة الزاهرة.

إنّ الشَعب العُماني وهو يَسْتلهم العِبَر والدُروس مِن تاريخه المُشَرف ويَسْتَبشر بِغَدٍ أجْمَل وأكْثر رَخاءً ويَزداد رَونقاً بقيادة رَجُل حكيم وقائِد فَذّ شُجاع ، خَيْر خَلَف لخير سَلَف ، هُو جلالة السُلطان هَيثم بن طارق حفظه الله وسَدّد لِلخَير خُطاه ، قد مَنّ الله بهِ على عُمان وأهْلَها لِيُطلق شرارة النُهوض والارْتقاء نحو قِمَم المَجْد؛ .

إنّ اعْتزاز العُمانيين بذلك اليوم والاحْتفاء بهِ هو تَقدير ووفاء وترسِيخ لولائهم لقائدهم العظيم وتأكيداً لانْتمائهم لوطنهم وعِشْقِهم لأرضهم ، وبذلكَ تجلّتْ المشاعر جيّاشة نقيّة ، وتسامَتْ في أعلى صُور التَعبير و الابْتهاج وهم يَحتفلون باطْمئنان وثقة بِبَقاء الوطَن عزيزًا كريماً يَنعم بالاسْتقرار والرّخاء.

وبدأتْ إنجازات الوطن تتري ، وبدَأنا نَتلَمّس أثَرها في حياتنا ومَعِيشتنا بَعْد أنْ كادَت عاصِفَة أزْمَة كورونا أن تنتهي وتتلاشى وتَمُرّ بِسَلام بتَداعياتها الاقتصادية والاجتماعية والنفسيّة بفضل السياسة الحكيمة والاجراءات الناجعة التي اتخذتها قيادتنا الرشيدة ، ورغم أن تلك الأزمة  لمْ  تَهزّ جبَل اسْمُه عُمان ، وحافَظت على مَتانة وثَبات الموقِف العُماني الأصِيْل وحافظتْ على السِيادة المُهابة لِعُمان ، وأصْبَح الشَعب العُماني فخوراً بإنْجازاته واثقاً بقيادته المُتجددة التي يَرسم أُطَر مَجْدها جلالة السُلطان هيثم بن طارق أعزه الله.

وهُنا أسْتذكر ، أنني قرأت في التِسْعينيات ما نشرته الصَحيفة البريطانية : “في الوقت الذي يستمتع فيه قادة الغرب في آخر الليل بقراءة كتب أدبية فإن سلطان عمان ـ تَعني جلالة السُلطان قابوس طيب الله ثراه ـ يستمتع بقراءة رسالة مواطن قدمها لجلالته يطلب فيها خدمة لمنطقته ، أو مساعدة في حل مشكلته ؛ فهذا المواطن يتلقى الرد على طلبه بأسرع مما نحصل عليه نحن في الغرب…”.

إنّ العُمانيين شَعب لا يَمْنَح ولاءه وحُبه بسهولة إلّا لمن يستحق ويرتضيه ، إنهُ شَعب طيّب وفخور إلاّ أنه شَعْب عَنِيد ذو كِبْرياء وعِزّة وكرامة .. وفي نفس الوقت قد أذَلّ بِعناده أعْتَى أعْدائه ، ولذلكَ نَرى مَن يَقودهم يَمْنَحُهم كُلّ وَقْتِه وجُهْدِه وحبه وولائه ووفائه ، فيُبادلوه الحُب حُبّاً والولاء ولاءً والوفاء وفاءً وبتلك التّبادلاتِ يَحظى برضاهم المُطْلَق ، وبتلكَ النوع مِن العِلاقة  – القِيَم الوطنية – كانتْ سَبباً رئيساً لِتَعلّقهم بجلالة السُلطان الراحل قابوس رحمه الله ، وتلكَ العلاقة بخواصّها – أيْضاً – السَبَب الرئيس لِكُل ذلك الحُب والولاء الذي مَنحوه لجلالة السُلطان هيثم حفظه الله الذي لم يَبْخَل على شَعبه بِجُهد ولا حُبّ ولا وفاء فكانَ وفياً لِعَهده ومُخْلِصاً لِمَن قَبْلهِ ، وسَتستمر مَلْحَمة اسْمها عُمان ما دامَت هذه الأرض المِعْطاء تَلِد مِثْل أولئك الرّجال الأوفياء ؛ تلكَ هيَ نِعْمَة قد انْعَمَها الله علينا ؛ فقد قيّض لنا قادَةً أوْفِياء مُخْلِصين لِلوطَن ، مُؤمِنين أنّ السَعادة لا تتحقّق إلاّ بالرخاء والأمان والاسْتقرار.

وفي هذه المناسَبة العَظيمة نَرفع إلى مَقام مَولانا وقائدنا جلالة السُلطان هَيْثم بن طارق حفظه الله ورعاه ، وإلى الشَعب العُماني الوفيّ بعهده المُلتزم بولائِه ، بذكرى نُوفمبر الخالدة أسْمى التَبريكات وأصدق التّهانِي ؛ سائلين الله الكريم أنْ يُعِيدها على جلالته باليُمْن والبَركات وعلى عُمان بالاسْتقرار والرّخاء والازدهار والسلام ، ولأهلها بالمَجْد والأمان والنماء المُسْتمر.. مُعاهدين جلالته بالسَيْر خَلْف رايته الخفّاقَة مؤكدين العَهْد ولاءً وَوفاءً بالتّعاضُد والتكاتف والأُلْفَة ، يَداً بِيَد في مُواجهة الظُروف والصِّعاب مِن أجْل عُمان أعْظَم وأجْمَل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى