الـزعـل طـاقـة سـلـبـيـة..
حبـيـب بن مبارك الحبـسي
الـزعـل طـاقـة سـلـبـيـة..
مشاهد الزعل أو القطيعة مستمرة، وأجواء الشحن أكثر من أجواء الاحتواء، ومن يسعى في التوافق نادراً ما يذكرون، والأسباب في قمة التفاهة، ومن يصب الزيت على البراميل المشتعله كثر والعياذ بالله.
لكم أن تتصوروا إخوة أشقاء بلا مساحة تواصل .. وبلا اجتماع في مناسبات، هؤلاء كأنهم بلا إحساس ومشاعر فقد يقاطعون آبائهم وأبنائهم وأعمامهم وأخوالهم؛ يعيشون بقلوب بها طاقة من الحسد والحقد، وكلما لاح بريق التقارب تسارعت شياطين الإنس والجن لوأد تلك الفطرة السليمه.
أغلب من يقعون ضحية هذا الوباء؛ هم آذان صاغية لما ينقل لهم؛ قلوبهم مشحونة كلما جمعتهم مناسبة، ويعتصرون ألماً من النيران وألماً من الشعور بالرغبة للتخلص من ذلك. فهم في صراع داخلي مهما ظهر لك ظاهرهم.
أحقر بعض الوسائل من يؤثرون ويتدخلون في قرار الفرد بالرغبة في عدم التنازل والتغاظي؛ هؤلاء المحيطون نقمة وبذور غير صالحة في المجتمع، ولهذا تضيع منا أحلى وأنقى وأصفي الأيام؛ لأننا نقضيها في كدر وهم وغم.
هذه الفوضى من الزعل تجلب لنا مشتتات وأمراض وأحقاد متواصلة تجعلنا جميعا ضحاياها حتى أثرها يمتد إلى الأبناء.
ربما الصحوة والإفاقة من هذا الهم والغم عند الموت، حينئذ الحديث داخل النفس يؤنب الضمير حيث يتقارب الأخ من أبناء أخيه أو أخواته أو الإبن من أمه بعد موت أبيه .. تلك الزيارة المتأخرة لا تسمن ولا تغني من جوع، وقد تحدثه نفسه لو عاد أبي أو أخي أو أختي أو جاري أو صديقي أو أو… لقبلت يده ورجله وتنازلت، ولا سمعت لما قاله الآخرون عنه، هذا الشعور متأخر جداً ولن يجدي.
كل الذين يقاطعون أصحابهم يثرثرون ويترقبون ويراقبون بعضهم البعض وينفعلون من مواقف الخير عن خصَمهم،
وإذا سألت الخصم عن السبب؛ ستسمع قصصاً ممزوجة بالغضب والقسوة .. وإذا سألت الطرف الآخر ستسمع ما هو أشد وأغلظ، والحقيقة المرة أن ادعاء كلا الطرفين تافه .. فالمقربون لهم دور في الشحن، وقد لا تجد تلك الروح الطيبة عند الطرفين في التنازل؛ خاصة زعل وقطيعة القربى.
حقيقه تغيب عنا ونحن في حالة الخصومة؛ أن العمر قصير، والحياة فانية، والزعل لم ينتهي .. ضاعت أحلى أيامنا ونحن بين قيل وقال، وفلان كذا أمره.
بدل أن نتغاظي ونتجاهل ونتغافل .. أدركوا أوقاتكم الجميلة؛ فالزعل بابه مخرب للبيوت، ويقتنص منك السعادة .. فمهما عشت وسافرت واقتنيت و… و… و…؛ حقيقة أنت لست بخير؛ لأن قلبك مليء بالحقد وعدم التراضي، فأنت تملك طاقه سلبية ستقضي عليك من خلال أمراض عدة.
علينا المبادرة والمسارعة في الفضل في الصفح برفع غطاء الكبرياء من الآن، واتخاذ قرار مع الله تعالى بالتقارب وتصفية النية قال تعالى في سورة الشورى : (فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) (40)، ولننتبه جيداً الزعل ليس له فوائد، وستدرك يوماً ما أنك أنت الخاسر فيه، توقفوا عند حديث المصطفى عليه الصلاة والسلام عن ابي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام).
حياتنا مؤقتة ولكي تعيشها حياة بسيطة وسعيدة؛ تغاضى، تجاهل، بادر، تنازعل، تغافل، إذا نقل لك شخص كلاماً إنتبه؛ فحتما سوف ينقل عنك، ولا تقابل السيئة بالسيئة، ستشعر عندها بطمأنينة وهدوء نفسي وانشراح صدر.